[المسألة 55:] الاعتكاف إما واجب معين على المعتكف، وهو ما عينه على نفسه بنذر أو عهد أو يمين، أو تعين عليه بإجارة أو بشرط في ضمن عقد، فينذر لله - مثلا - أن يعتكف العشرة الأولى من شهر رجب في هذا العام، أو ينذر أن يعتكف الأيام البيض منه، أو يستأجر لذلك نيابة عن زيد، ويتم الإيجاب والقبول بين المستأجر والأجير على ذلك، والحكم فيه أن يعتكف المكلف كما عين، ولا يجوز له التأخير فيه.
وأما واجب موسع، وهو ما أوجبه الشخص على نفسه بنذر أو شبهه مما تقدم ذكره، أو وجب عليه بإجارة أو شرط ولم يعين له وقت، فينذر لله أن يعتكف أياما معلومة العدد في هذه السنة - مثلا - أو في الأشهر الحرم منها، أو في شهر رجب، أو يستأجره أحد لذلك، والحكم فيه أنه لا يتعين الاتيان به على المكلف في وقت خاص، وإذا ابتدأ به فاعتكف منه يومين تامين وجب عليه أن يعتكف لليوم الثالث، وإذا اشترط فيه تتابع أيامه وجب عليه أن يأتي ببقية أيامه متتابعة كما شرط.
وإذا لم يشترط ذلك جاز له أن يفرق الأيام على أن لا يكون ما يأتي به في كل مرة أقل من ثلاثة أيام، وقد سبق تفصيل هذا في المسائل المتقدمة.
وأما مندوب والحكم فيه نظير ما قلنا في الواجب الموسع.
[المسألة 56:] يصح للمكلف عندما ينوي الاعتكاف ويريد الشروع فيه أن يشترط على الله أن يترك اعتكافه ويلغيه إذا طرأ له طارئ، سواء كان اعتكافه الذي يريد الشروع فيه واجبا معينا أم موسعا أم مندوبا، فيقول مثلا: اعتكف في هذا المسجد ثلاثة أيام تامة أو عشرة كاملة متقربا إلى الله تعالى واشترط لنفسي أن يحلني الله من اعتكافي إذا عرض لي عارض من أمره (تعالى) فأترك الاعتكاف متى عرض لي ذلك.
فإذا اشترط المكلف في نيته هذا الشرط جاز له الرجوع عن اعتكافه متى عرض له العارض، في أي قسم من أقسام الاعتكاف كان، وفي أي يوم من أيامه عرض له العارض، ولا ضير عليه ولا إثم في رجوعه، ويجوز له - على الأقوى - أن يشترط لنفسه الرجوع عن الاعتكاف متى شاء، سواء عرض له شئ