كلمة التقوى - الشيخ محمد أمين زين الدين - ج ٢ - الصفحة ١٠٤
التي حرمها الله عليه عند صومه، ويتنزه جهده مع ذلك في عمله وفي سره وجهره عن المحارم التي نهاه الله عنها حتى في غير الصوم، يكن حريا بنيل القرب من الله - سبحانه - واكتساب الأجر الكبير الذي وعد الله به الصائمين، وتكن نفسه جديرة بالارتفاع في مراتب التقوى والورع حتى تبلغ الغاية التي تطمح إليها، والتي مرن نفسه ومرن إرادته عليها طوال صومه وطوال شهره.
وإذا أضاف إلى ذلك ما يكتسبه من عطاء شهره العظيم في إقامته فيه للصلاة وتلاوته للكتاب وقراءته للدعاء ومواظبته على الاستغفار، وفي سائر تعبداته لله، وصدقاته ومبراته في الشهر الذي يتضاعف فيه أجر العمل، ويغفر فيه الزلل، حصل له من مجموع ذلك نبع من الخير لا ينضب ومدد لا ينقطع. فإذا واصل السير في طريقه الذي اتخذه، ودأب على السعي فيه بعد انقضاء الصوم وانتهاء الشهر ارتقى في السلم مرتبة بعد مرتبة ودرجة بعد درجة، كما يقول سبحانه في كتابه:
(والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)، وكما يقول: (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا).
ومن الواضح أتم الوضوح أن هذا المكلف الصائم المحافظ بمنتهى جهده على سلامة صومه وسلامة دينه لا يستوي منزلة مع المكلف الآخر الذي يمسك عن المفطرات المحظورة في الصوم كما ذكرنا، ولكنه يطلق لنفسه أن يرتكب غيرها من المحارم والمآثم التي لم تحكم ظواهر الشريعة بأنها من المفطرات.
ومن أمثلة ذلك: من يصوم عن المفطرات الظاهرة، ولكنه لا يبالي أن ينظر النظرة المحرمة أو يرتكب الغيبة الخبيثة أو النميمة المهلكة أو يفتري الكذبة الفاحشة أو يفعل الفعلة الآثمة أو يتعاطى المعاملة المحرمة أو يسمع أخاه أو قريبه أو أهله الكلمة النابية أو القولة الجارحة أو يفعل الفعلة السوآى.
وصحة الصوم بحسب ظواهر الشريعة لا تعني أبدا أن الصوم مقبول عند الله يؤتي ثماره الطيبة ويؤدي نتاجه المحمود.
وما ظنك بعبد يمسك عن منهيات الصوم من المباحات والمحرمات ليرضي ربه بهذه العبادة، ثم يرتكب تلك الجرائر أو بعضها؟! وماذا يبقى له إذا وضعت الأعمال في كفتي الميزان؟! ومن المضحك المبكي أن يقول مع ذلك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ولا فارق في نتيجة الأمر بين أن يرتكب الحرام في يوم صومه أو في ليله،
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1) كتاب الصوم 5
2 الأول - النية 8
3 الثاني - المفطرات 17
4 الثالث - الكفارات 46
5 الرابع - شرائط صحة الصوم وشرائط وجوبه 61
6 الخامس - طرق ثبوت الهلال 72
7 السادس - احكام قضاء شهر رمضان 77
8 السابع - صوم الكفارة 88
9 الثامن - اقسام الصوم 95
10 خاتمة الكتاب الصوم 103
11 (2) كتاب الاعتكاف 109
12 الأول - الاعتكاف وشرائطه 112
13 الثاني - احكام الاعتكاف 135
14 (3) كتاب الزكاة 145
15 الأول - الشرائط العامة لوجوب الزكاة 148
16 الثاني - زكاة الأنعام الثلاثة 157
17 الثالث - زكاة النقدين 172
18 الرابع - زكاة الغلات الأربع 177
19 الخامس - ما تستحب فيه الزكاة 189
20 السادس - في مصارف الزكاة ومستحقيها 194
21 السابع - أوصاف من يستحق الزكاة 210
22 الثامن - جملة من احكام الزكاة 217
23 التاسع - زكاة الفطرة 227
24 العاشر - جنس زكاة الفطرة ومقدارها 234
25 الحادي عشر - وقت وجوب الفطرة ومصرفها 237
26 (4) كتاب الخمس 241
27 الأول - ما يجب فيه الخمس 243
28 الثاني - مستحق ومصرفه 288
29 الثالث - الأنفال 296
30 (5) كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 301
31 الأول - الامر بالمعروف الواجب، والنهي عن المنكر المحرم 304
32 الثاني - الامر بالمعروف المندوب، والنهي عن المكروه 321
33 الثالث - مجاهدة النفس 330