وفي عصر الغيبة يكون زمام اختيار الأنفال والأموال العامة بيد الحاكم الصالح العادل بشرائطه التي مرت في محله، كما أن زمام أمر الخمس أيضا بيده.
والتحليل المطلق من الأئمة (عليهم السلام) للأنفال لشيعتهم لا ينافي جواز دخالة الحاكم الشرعي فيها مع بسط يده، فإن الظاهر أن أئمتنا - عليهم السلام - أرادوا التوسعة لشيعتهم في زمان حكومة خلفاء الجور وعدم التمكن من الحكومة الحقة الصالحة.
والحكومة ضرورة للمسلمين في جميع الأعصار لا محيص لهم عنها ولا تتعطل شرعا، واحتياجها إلى المنابع المالية والأموال العامة أيضا واضح، ولا يراد بلفظ الإمام في هذا السنخ من المسائل السياسية والاقتصادية خصوص الإمام المعصوم، غاية الأمر أنه مع حضور الأئمة الاثني عشر لا تنعقد الإمامة لغيرهم، وعلى هذا فللحاكم العادل الصالح منع التصرف فيها إلا تحت ضوابط وشرائط خاصة حفظا للنظم والعدالة.
وبذلك يظهر الإشكال على ما في الجواهر، حيث يظهر منه اختصاص الحكم بالإمام المعصوم:
قال في ذيل قول المحقق: " وفي جواز إقطاع السلطان المعادن والمياه تردد " بعد بيان وجه التردد وقصة استقطاع الملح من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإشكال المسالك عليها ما هذا لفظه:
" وبالجملة هذه المسألة كنظائرها المذكورة في هذا الكتاب قد ذكرها العامة بناء على أصولهم في أئمتهم الذين يجوز عليهم - ان لم يكن قد وقع منهم - كل قبيح، لأن الأحكام الصادرة منهم عن اجتهاد ورأي وغير ذلك من الأمور الفاسدة، كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بأحوالهم، بخلاف الإمام - عليه السلام - عندنا الذي لا ينطق عن الهوى، وإن هو إلا وحي يوحى. ولاطلاعه على المصالح الواقعية وكونه معصوما عن ترك الأولى فضلا عن غيره صار أولى من المؤمنين بأنفسهم، فالمتجه حينئذ سقوط هذا البحث، ضرورة أن له الفعل وإن لم يسم إقطاعا عرفا.
نعم لا يجوز ذلك ونحوه مما هو متوقف على المصالح الواقعية للنائب العام، لعدم عموم لنيابته على وجه يشمل مثل ذلك مما هو مبني على معرفة المصالح الواقعية