الإمام العادل يقطعها إلى من يستخرجها أو يحلل للجميع استخراجها والاستفادة منها بنحو لا يضر بالإسلام ولا بالأمة. ألا ترى أن الموات من الأراضي وبطون الأودية ورؤوس الجبال والآجام جعلت كلها من الأنفال وللإمام مع أنها مما يحتاج إليها الناس جدا طول القرون والأعصار.
فمعنى كونها للإمام أن زمام أمرها بيده وهو الذي يقطعها ويقبلها بلا أجرة أو بأجرة حسب ما يراه من المصلحة. فأي فرق في ذلك بين المعادن وبين ما ذكر؟!
وأما جعل الخمس على من استخرجها مع تحقق الشروط فإما أن يكون من قبل الأئمة - عليهم السلام - بعنوان العوض وحق الإقطاع فيكون نفس ذلك إذنا منهم في استخراجها وتحليلا لها لشيعتهم بإزاء تأدية الخمس منها، أو يكون حكما شرعيا إلهيا ثابتا على من استخرجها بالإذن منهم ولو بسبب التحليل المطلق في عصر الغيبة وعدم انعقاد الحكومة الحقة الصالحة. وكونه بعنوان حق الإقطاع لا يقتضي اختصاص الإمام به وعدم صرفه إلى السادة كما توهم، إذ هو تابع لكيفية جعل الإمام، مضافا إلى ما ذكرناه في باب الخمس من كونه بأجمعه حقا وحدانيا ثابتا لله وبعده للرسول وبعده للإمام القائم مقامه مثل الأنفال غاية الأمر أن على الإمام إدارة شؤون السادة بما أنهم فروع شجرة النبوة.
وبالجملة فالأقوى كون المعادن بإطلاقها من الأنفال ظاهرة كانت أو باطنة فتكون تحت اختيار إمام المسلمين ولا تستخرج إلا بإذنه خصوصا أو عموما ويجوز له إقطاعها إذا رآه صلاحا.
والفرق الذي يوجد في كلمات فقهاء الفريقين بين المعادن الظاهرة والباطنة ليس منه أثر في أخبارنا وليس من الأصول المتلقاة عن المعصومين (عليهم السلام) حتى يفيد فيه الإجماع أو الشهرة، ولذا لم يذكر في ما مر من عبارات المقنعة والنهاية والمراسم والكافي. بل هو أمر تفريعي اجتهادي تعرضوا له على أساس ما عندهم من القواعد، ويشبه أن يكون ورد من فقه السنة إلى فقهنا، ولعل منشأ الالتفات إلى هذا التفصيل قصة استقطاع أبيض بن حمال لملح مأرب وما عامله به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسيأتي الإشارة إليها.