الأرض إلى عنان السماء، إذ الملكية أمر اعتباري، والمعتبر لها هم العقلاء في كل عصر وزمان، حدود موضوعها سعة وضيقا أيضا تابعة لاعتبارهم وهم لا يعتبرون الملكية في مثل الدار نحوها مثلا إلا لساحتها ومرافقها المحتاجة إليها في الاستفادة منها، ومنها الجو والفضاء إلى حد خاص يتعلق عرفا بهذه الدار.
وليست المعادن الواقعة في تخوم هذه الدار وكذا الفضاء الخارج عن المتعارف معدودا من توابعها العرفية ومرافقها.
وهل ترى عبور الطائرات مثلا في جو سماء البلدان إذا علت ولم تزاحم ساكني الدور تصرفا في ملك الغير؟ لا أظن أحدا يلتزم بذلك، ولكن عبورها من جو مملكة بلا إذن من واليها يعد تصرفا في سلطة الغير وتعديا في ملكه. وكذلك الكلام بالنسبة إلى المياه الكثيرة والمعادن العظيمة الواقعة تحت ملك الغير; فلو فرض مثلا استخراج المعدن المتكون تحت دار الغير أو بستانه في عمق ألف متر مثلا بإذن الإمام بلا تصرف في داره بستانه بأن جعل مدخل المعدن في خارج الدار أو البستان، أو حفر بئرا، أو قناة في الخارج بحيث يستفيد من الماء المتكون تحت ملك الغير فهل يعد هذا تصرفا في ملك الغير؟
نعم، المعادن الصغار السطحية وكذا العيون الصغار السطحية ربما تعد عرفا من توابع الملك نظير الأشجار والأعشاب النابتة فيه. وقد مر منا سابقا أن الأساس والملاك للمالكية الشخصية هو الصنع والعمل، وحيث إن الصادر من محيي الأرض ومعمرها هو حيثية الإحياء والعمران فهو لا يملك إلا لهذه الحيثية وتوابعها العرفية، فلاوجه لأن يملك المعادن الواقعة في تخوم الأرض بلا صنع منه بل ولا شعور بوجودها، اللهم إلا أن يستخرجها ويحييها بإذن الإمام ولو عموما، فإن إحياء المعدن هو كشفه واستخراجه، فما لم يستخرج يبقى على حالته الأولى من كونه من الأموال العامة، وإن شئت قلت: لله - تعالى - يورثه من يشاء من عباده، وإن شئت قلت: للإمام بما هو إمام أي لمنصب الإمامة، فكل هذه التعبيرات ترجع إلى منع واحد.
وبالجملة ليس إحياء الأرض إحياء للمعدن المتكون تحتها بل هو باق على