فينتفع بها فإن عمارتها منفعة لدار الإسلام. فإن طلب التأخير من السلطان والمهلة أمهله مدة قريبة يستعد فيها للعمارة، ولا يتقدر تلك المدة بقدر بل بحسب ما يراه السلطان، وهو أصح وجهي الشافعية. وقال أبو حنيفة: مدة التحجير ثلاث سنين ما لم يطالب فيها بالعمارة، فإذا مضت مدة الإمهال ولم يشتغل بالعمارة بطل حقه. " (1) 3 - وفيه أيضا:
" لو باع المتحجر ما تحجره قبل أن يحييه لم يصح بيعه، لأنه لا يملكه بالتحجير. يحتمل الصحة، لأن له حقا فيه. وللشافعية وجهان: أحدهما: أنه لا يصح، فإن حق التملك لا يصح بيعه ولهذا لا يصح بيع الشفيع قبل الأخذ بالشفعة. والثاني:
أنه يصح، لأنه أحق من غيره فكأنه بيع حق الاختصاص. " (2) أقول: حيث إن الأراضي والمعادن والمياه ونحوها تكون من الأموال العامة التي خلقها الله - تعالى - لمصالح جميع الأنام ولا يختص بها واحد دون آخر فمقتضى العدل الإنصاف الذي يحكم به العقل والشرع أن يراعى فيها مع حقوق الأشخاص حقوق المجتمع أيضا. فمن أوجد بعض مقدمات الإحياء بقصد الإحياء كان عمله هذا موجبا لاعتبار حق له عرفا، ولا يضر هذا المقدار بالمجتمع، بل يكون في طريق مصالح المجتمع وأهداف الخلقة طبعا، فيكون بحكم العقل والشرع أحق بآثار أعماله ونشاطاته، لو عرض له مانع من إكمال عمله كان له بحكم العرف نقل حقوقه الحادثة بالشروع في الإحياء إلى غيره كما تنتقل إلى وارثه أيضا بلا إشكال.
وأما من لا يريد الإحياء أو لا يقدر عليه فهل له أن يوجد بعض المقدمات بقصد التجارة بها ونفلها إلى غيره؟ وهل يحكم العرف والشرع بثبوت هذا الحق له في الموضع الذي يتعلق بالمجتمع؟ مشكل جدا بعد التدبر في أغراض الشرع المبين وأهداف الخلقة، والظاهر أن أدلة أولوية المحجر منصرفة عن مثله. وإن شئت قلت: بعدما