إلى غير ذلك مما مر في محله من الأدلة على ضرورة الحكومة وكونها داخلة في نسج الإسلام ونظامه.
فلا محالة يجب في عصر الغيبة أيضا السعي في تأسيس الدولة والحكومة الحقة مع رعاية الشروط التي اعتبرها الشرع في المتصدي لها وقد مرت في محلها، ولا محالة تحتاج هذه الدولة إلى الضرائب والمنابع المالية فيجب أن تجعل الزكوات والأخماس كذا الأنفال التي هي أموال عامة تحت سلطتها لتستفيد منها في مصالح الدولة والأمة، فإن الملاك الذي أوجب جعلها تحت اختيار الإمام في عصر الظهور يوجب جعلها تحت اختيار نوابه في عصر الغيبة أيضا وإلا لما تيسر لهم إدارة شؤون الأمة وتحقيق العدالة الاجتماعية وقطع جذور الخلاف والتشاجر الذي ربما يبدو في تصاحب الأموال العامة.
نعم، فرق بين الأئمة الاثني عشر وبين الفقهاء في عصر الغيبة بوجود العصمة فيهم دون الفقهاء، ولكن عمال الحكومة وأمراءها مطلقا على وزان واحد فربما يعصون أو يخطئون ولكن وجود الحكومة ولو كانت ناقصة أولى من الفوضى والفتن، وما لا يدرك كله لا يترك كله.
فأدلة تحليل الأنفال مطلقا أو بعض الأصناف منها لو ثبتت وإن شمل إطلاقها لعصر الغيبة أيضا ولكن للحكومة الحقة الصالحة على فرض تأسيسها ولو في منطقة خاصة الدخل فيها والتصدي لتقسيمها أو الاستنتاج منها بنفع الإسلام والمسلمين، ويجب على الناس لا محالة إطاعتها وإجراء أوامرها، فيتحدد التحليل لا محالة بصورة عدم تدخل الدولة الحقة فيها لعدم تحققها أو عدم قدرتها.
وإن شئت قلت: التحليل للأمة إنما وقع على فرض عدم الحكومة الحقة أو في إطار نظامها وتحديداتها.
كيف؟! ولا نرى فرقا بين سهم الإمام الذي أفتى أصحابنا بوجوب إيصاله إلى الإمام أو الفقيه النائب عنه، وبين الأنفال مع كون كليهما للإمام بما هو إمام لا لشخصه، فيرجع أمر كليهما إلى سائس المسلمين والمتصدي لأمورهم من غير فرق بين زمان الحضور وزمان الغيبة.
هذه خلاصة ما نراه في جميع الأنفال والأموال العامة وكذلك جميع الضرائب