وبه قال الكليني في أصول الكافي أيضا، حيث قال في عداد الأنفال:
" وكذلك الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصة. " (1) وعن غير واحد أنه لا دليل لهم عليه. وقد يقال: لعلهم أخذوه مما دل على أن الدنيا ما فيها لله ولرسوله ولنا، وأن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، وأن الله خلق آدم وأقطعه الدنيا قطيعة فما كان لآدم فلرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو للأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). (2) أو خبر حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " إن جبرئيل كرى برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة ونيل مصر ومهران ونهر بلخ، فما سقت أو سقي منها فللإمام، والبحر المطيف بالدنيا (للإمام خ. ل)، وهو أفسيكون. " (3) إلى غير ذلك من الأخبار في هذا المجال.
أقول: التفسير في آخر خبر حفص ليس في نقل الكافي، فالظاهر أنه من كلام الصدوق. (4) قيل هو معرب أبسكون بليدة كانت قرب بحر الخزر وبها سمي البحر، وقد غمرها الماء فعلا. هذا. ولكن لا يناسب هذا للبحر المطيف.
وكيف كان فلا شك عندنا أن البحار من الأنفال وكذا الشطوط والأنهار الكبار، إذ قد مر منا مرارا أن الملاك في كون الشيء من الأنفال كونه من الأموال العامة غير المتعلقة بالأشخاص لعدم حصولها بصنعهم. وعدم ذكر البحار في أخبار الباب لعله لعدم الابتلاء بها كثيرا في تلك الأعصار. وأما في أعصارنا فهي مما تهتم بها جميع الدول والحكومات وتستفيد كثيرا من صيدها وجواهرها ومعادنها والطرق البحرية فيها، وليس معنى كون الأنفال أو الدنيا للإمام كونها لشخص الإمام المعصوم، بل كونها لمقام الإمامة وقيادة المسلمين، فهي أموال ومرافق عامة خلقها الله - تعالى - للناس كما قال: " خلق لكم ما في الأرض جميعا " (5) ولكن زمام أمرها