يتلتل تلتلة ويؤخذ بتلبيبه ويقال له: أد الجزية، وإن كان يؤديها ويزخ في قفاه) (1).
وقال الرازي: (لا بد معه - يعني مع دفع الجزية - من الحاق الذل والصغار للكفر والسبب فيه أن طبع العاقل ينفر عن تحمل الذل والصغار، فإذا أمهل الكافر مدة وهو يشاهد عز الإسلام ويسمع دلائل صحته ويشاهد الذل والصغار في الكفر، فالظاهر أنه يحمله ذلك على الانتقال إلى الإسلام، فهذا هو المقصود من شرع الجزية) (2).
أقول: هذه الهيئات المذكورة في كيفية أخذ الجزية، تخالف التعاليم القرآنية والسكينة الإسلامية، وتباين ما يدعونا إلى رعاية حال الذميين، بنحو العموم أو في خصوص أخذ الجزية.
ومن الأول، قوله سبحانه: لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (3).
ومن الواضح أن البر والقسط ينافيان هذه الأعمال الخشنة.
وفي كتاب أمير المؤمنين عليه السلام لمالك: (وأشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) (4).
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قام لجنازة يهودي، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: (أليست نفسا) (5).
فهذا مسلك الإسلام ومنهجه في الكفار الذين يعيشون تحت لوائه وذمته حتى بالنسبة إلى جنائزهم، فكيف يرضى بايذائهم واهانتهم بهذه الأمور الخشنة؟!