غير أن تكون مقدرة، والتزام أحكامنا عليهم) (1).
وقال الشافعي في الأم: (سمعت عددا من أهل العلم يقولون: الصغار أن يجري عليهم حكم الإسلام، وما أشبه ما قالوا بما قالوا، لامتناعهم من الإسلام، فإذا جرى عليهم حكمه فقد أصغروا بما يجري عليهم منه) (2).
هذا، ولكن المحكي عن الإسكافي، أن الصغار، هو أن يشترط عليهم وقت العقد جريان أحكام المسلمين عليهم في الخصومات بينهم إذا تحاكموا إلينا، وفي الخصومات بينهم وبين المسلمين، وأن تؤخذ منهم وهم قيام (3).
وقال العلامة: (اختلف في الصغار، فقال ابن الجنيد: عندي أنه مشروطا عليهم في وقت العقد أن يكون أحكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين وبينهم، أو تحاكموا إلينا في خصوماتهم، وأن يؤخذ منهم قيام وهم على الأرض) (4).
وقال ابن حزم: (والصغار هو أن يجري حكم الإسلام عليهم وأن لا يظهروا شيئا من كفرهم ولا مما يحرم في دين الإسلام) (5).
أقول: التحقيق أن (الصغر)، يقابل (الكبر) (6) والصاغر يطلق على من يعترف بالخضوع ويرضى بالصغر، ولعله لما كان في كثير من الموارد توأما مع نوع من الذلة، صار ذلك سببا لتفسير أهل اللغة هذا اللفظ ب (من يرضى بالذلة).
مع أن الذلة خارج عن المفهوم الأصيل للصاغر، وإنما هو من الخصوصيات المنضمة إلى هذا المفهوم بمناسبة الموارد والمجالات، ومن البديهي أن التزام أهل الذمة بجريان أحكام المسلمين عليهم حسب ما ينعقد بينهم وبين المسلمين من عقد الجزية، الضامنة لمصالح الطرفين، لم يكن مستلزما للذلة البتة.