ذلك كونهم قائلين بالألوهية وكذا ينسب إليهم الاعتقاد باليوم الآخر في مثل قوله: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة (1) ومثل قوله: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى (2)؟
وقد أجاب المفسرون عنها بوجوه، نذكر أهمها:
قال الطبرسي: (هذا يدل على صحة ما يذهب أصحابنا إليه من أنه لا يجوز أن كون في جملة الكفار من هو عارف بالله وأن ذلك اعتقادا ليس بعلم لأنه صريح في أن أهل لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) (3).
وقال الرازي ما حاصله: أن التحقيق أن أكثر اليهود مشبهة، والمشبهة يزعم أن لا موجود إلا الجسم وما يحل فيه، فأما الموجود الذي لا يكون جسما ولا حالا فيه، فهو منكر له، وما ثبت بالدلائل أن الإله موجود، ليس بجسم ولا حال في جسم، فحينئذ يكون المشبه منكرا لوجود الإله، فثبت أن اليهود منكرون لوجود الإله.
وأما كونهم غير المؤمنين باليوم الآخر، فلأن المنقول عن اليهود والنصارى، انكار البعث الجسماني، فكأنهم يميلون إلى البعث الروحاني، ولا شك أن من أنكر الحشر والبعث الجسماني، فقد أنكر صريح القرآن ولما كان اليهود والنصارى منكرين لهذا المعنى، فثبت كونهم منكرين لليوم الآخر (4).
واعترض عليه صاحب المنار بقوله: (وهذا الكلام الذي سماه تحقيقا ليس فيه شئ من التحقيق، ولا من العلم الصحيح، وإنما هو نظريات كلامية مبنية على اصطلاحات جماعة الأشاعرة حتى في الألفاظ المفردة، فالجسم في اللغة هي الشئ الجسيم الضخم، وقال ابن دريد: (هو كل شخص مدرك) وقال أبو زيد: