اغتسلت وصلت وعملت بما تعمل المستحاضة. (1) فمقتضى الجمع بينها أن لذات العادة القعود إلى ثمانية عشر يوما، أيام عادتها نفاسا والزائد استظهارا، فيكون جميع الطوائف شاهدة على إمكان كون النفاس أكثر من عشرة أيام بل إلى ثمانية عشر يوما، فتكون مؤيدة للطائفة الأخرى المتعرضة لحد النفاس بحسب الواقع كمرسلة الصدوق ورواية حنان بن سدير، قال:
قلت: لأي علة أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما؟ قال: لأن أقل أيام الحيض ثلاثة أيام وأكثرها عشرة أيام وأوسطها خمسة أيام، فجعل الله عز وجل للنفساء أقل الحيض وأوسطه وأكثره. (2) فتحصل من جميع ذلك أن مقتضى الجمع بين جميع الطوائف هو كون حد النفاس واقعا ثمانية عشر يوما مطلقا، وذات العادة إنما ترجع إلى عادتها بحسب تكليفها الظاهري وتستظهر جوازا إلى ثمانية عشر يوما، وإن كان المستحب لها أن تعمل عمل المستحاضة بعد الاستظهار بيوم أو يومين أو ثلاثة أيام، ويحمل اختلاف الروايات في الاستظهار على اختلاف مراتب الفضل أو على ما ذكرنا في الحيض.
ويظهر مما مر أن مستند فتوى المشهور وكذا الروايات التي ادعى المفيد أو الشيخ ورودها بعيد غايته أن تكون تلك الروايات الدالة على خلاف مذهب المشهور مما هي بين صريح فيه أو ظاهر. وعثور المفيد - رحمه الله - على بعض الروايات أو الأصول التي لم تصل إلينا ليس كثير البعد، كما لم تصل إلينا مرسلته المنقولة عن السرائر، وهي أن المفيد سئل: كم قدر ما تقعد النفساء عن الصلاة؟ وكم مبلغ أيام ذلك؟
فقد رأيت في كتاب أحكام النساء أحد عشر يوما، وفي رسالة المقنعة ثمانية عشر يوما وفي كتاب الأعلام أحد وعشرين، فعلى أيها العمل دون صاحبه؟ فأجابه بأن قال:
الواجب على النفساء أن تقعد عشرة أيام، وإنما ذكرت في كتبي ما روي من قعودها ثمانية عشر يوما وما روي في النوادر استظهارا بأحد وعشرين يوما، وعملي في ذلك