ربما يستشعر منه ما ادعاه لكن لا يمكن معه رفع اليد عما هو كالنص في جعل الأمارة بل بما ذكرنا يقطع المنصف بأمارية الأوصاف.
ثم بعد البناء على الأمارية يقع الكلام في أنها أمارة مطلقة لتشخيص مطلق الدماء من الحيض وأن الحيض دائر مدار وجودها وعدمها في الثبوت التعبدي و اللاثبوت، أو أنها أمارة لتشخيص الحيض من الاستحاضة مطلقا، أو مع استمرار الدم، وجوه وأقوال أقربها أوسطها ثم الأخير. وأما الأول وهو الذي نسب إلى المدارك والحدائق والمستند فضعيف، أما أولا فلأن تلك الأوصاف التي ذكرت للحيض لا تكون مختصة به وجدانا، خصوصا مع البناء على استفادة طريقية كل واحد منها مستقلا كما هو الأقوى، ضرورة أن نوع الدماء الخارجة من الانسان مع خلو طبيعته عن الانحراف والضعف والمرض يكون عبيطا حارا أحمر يضرب إلى السواد، بل كثير منها يكون له دفع، ويكون بحرانيا مقبلا، فلا تكون تلك الأوصاف من خواص دم الحيض بحيث تميزه عن سائر الدماء.
وأما دم الاستحاضة فهو بحسب النوع لما كان مقذوفا من الطبيعة المنحرفة بواسطة ضعف وفتور ومرض لا محالة يكون فاسدا باردا أصفر مدبرا غير دافع، فهذا الأمر الوجداني يساعدنا في الاستفادة من الأخبار، وأن المنظور من ذكر الأوصاف ليس تمييز دم الحيض من سائر الدماء مع اشتراكها نوعا فيها، بل هذه الأوصاف المشتركة بين الحيض وغير الاستحاضة ذكرت في ما دار الأمر بين الحيض و الاستحاضة لامتيازها عنه لا امتيازه عن غيرها. ولهذا لم تذكر هذه الأوصاف في دوران الأمر بينه وبين العذرة وكذا بينه وبين القرحة، فحينئذ لو دار الأمر بين الحيض وبين جريان الدم من شريان لانقطاعه لا تكون تلك الأوصاف معتبرة، فإن الضرورة حاكمة بأن دم الشريان أيضا طري عبيط له دفع وحرارة، ويكون أسود كدم الحيض بحسب النوع، ومعه كيف يمكن الذهاب إلى ما ذهب إليه الأعلام المتقدم ذكرهم.
وأما ثانيا فلأن سياق الروايات يشهد بأنها في مقام تشخيص الحيض عن