مع علمه بالحيض وحكمه (انتهى).
أقول: أما كون حرمة الوطئ من ضروريات الاسلام ففي محل المنع، فإن معنى كون الشئ ضروريا عقلا أنه واضح لا يحتاج إلى الدليل لدى العقول، ككون الواحد نصف الاثنين، وكون الكل أعظم من جزئه، وأما كون شئ ضروريا واضحا لقيام الأدلة الواضحة عليه لدى طائفة خاصة دون أخرى لا يوجب ضروريته لا في الأمور العقلية ولا في الأمور الشرعية، فإن كثيرا من الأحكام الشرعية ضرورية لا في الأمور العقلية ولا في الأمور الشرعية، فإن كثيرا من الأحكام الشرعية ضرورية واضحة لدى الفقهاء، أو صارت ضرورية لدى المتعبدين، أو في بلدة غلب فيها العلماء مع أنها ليست ضرورية واضحة عند جميع المسلمين كمطهرية المطر و الشمس، وما نحن فيه من هذا القبيل.
ثم إن إنكار الضروري لا يكون بنفسه موجبا للكفر، بل إنما يوجبه إذا كان مستلزما لانكار الألوهية أو التوحيد أو النبوة كما حقق في محله، وأما فسق الواطئ فمبتن على أن يكون الفسق عبارة عن مطلق الخروج عن طاعة الله، وأما لو قلنا بأنه عبارة عن ارتكاب الكبيرة أو الاصرار على الصغيرة فلا، لعدم ثبوت كون الوطئ حال الحيض كبيرة، وتحقيق المسألة موكول إلى محله.
ثم لا إشكال في الحرمة ظاهرا مع قيام أمارة على الحيضية، ككون الدم في أيام العادة، أو متصفا بالصفات في مورد أماريتها، كما أنه لو تمت قاعدة الامكان وجب ترتيب أحكام الحيضية للتعبد بوجود الحيض مع إمكان كون الدم حيضا إن قلنا بأن التعبد بحيضية الدم مستلزم عرفا للتعبد بحائضية المرأة. كما أن الظاهر أن ما اختارت المتحيرة من أيام الشهر للحيض يترتب عليه أحكام الحيض، لا لكون اختيارها طريقا تعبديا شرعا للحيضية، ضرورة أنه ليست لاختيارها طريقية عقلائية أمضاها الشارع ولا دل دليل على طريقيته التعبدية، بل لظهور قوله في المرسلة " تحيضي في كل شهر في علم الله سبعة أيام... " في أن اختيارها موجب للزوم ترتب جميع أحكام الحيض على المختار، فيجب معاملة الحيضية على ما اختارته، فمعنى التحيض جعل نفسها حائضا في سبعة أيام، ومع جعلها تصير