متعارضة في كل يوم فكما ورد الأمر بالاستظهار يوما أو يومين أو ثلاثة إلى عشرة كذلك وردت الروايات الآمرة بعمل الاستحاضة في كل يوم إلى العاشر، فلا بد من حمل هذه الطائفة أيضا على الوجوب التخييري، فتتخير بعد العادة بين الاستظهار بيوم أو يومين إلى العاشر بمقتضى أدلة الاستظهار على ما تقدم، وتتخير في عمل الاستحاضة بين يوم أو يومين إلى العاشر، وهل هذا إلا حكم العقل بالتخيير؟
نعم لو قلنا بأن حكم العقل بالتخيير إنما هو مع تساوي الاحتمالين، وأما مع كون أحد احتمالي الحيض والاستحاضة أقوى يتعين الأخذ بالأقوى، وقلنا بإطلاق الروايات بالنسبة إلى قوة الاحتمال وعدمها كان لحمل الروايات على التخيير إلى اليوم العاشر وجه، وعليه كان التخيير شرعيا لا عقليا وتوهم عدم جواز التخيير بين فعل الواجب وتركه لا إلى بدل فاسد لأن العبادات في أيام الحيض حرام ذاتي، فيكون التخيير بين الحرام والواجب، ومن قبيل الدوران بين المحذورين وإن كان الموضوع في الأخبار أعم من الموضوع العقلي.
وكالحمل على الاستحباب، وهو أسوء من الأول، لعدم رجحان في حمل أخبار الاستظهار على الاستحباب دون الأخبار الآمرة بالاغتسال وعمل الاستحاضة. وأبعد منهما ما صنعه صاحب الجواهر والشيخ الأعظم من حمل الروايات على التنويع، تارة بحمل ما دل على استظهار يوم على من كانت عادتها تسعة أيام، وما دل على يومين على من كانت عادتها ثمانية، وهكذا، وأخرى بحمل ما دل على يوم على من تظهر حالها بيوم، وما دل على يومين على من. تظهر حالها بعد يومين، وهكذا. ولعمري إن الطرح أولى من مثل هذا الحمل الغريب البعيد عن الأذهان، المستحيل ورود مثله من متكلم يريد إفهام الحكم. وأغرب منه ما أيد به كلام صاحب الجواهر من أن كلام المعصومين ككلام واحد من متكلم واحد، وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به، ولا معنى له، مع أنه مستلزم لمفاسد يختل بها الفقه، على أنه لا يصلح الحمل المذكور أيضا. كما أن الاستدلال بالاستصحاب وقاعدة الامكان وما دل على أن ما رأت المرأة قبل عشرة أيام من الحيضة الأولى في غير محله، ضرورة أن الاستصحاب قد انقطع