الاستظهار بالأقل هو القدر المتيقن الثابت بجميع الروايات، فلا بد من الأخذ به وحمل سائر المراتب على التخيير أو الاستحباب مدفوع بما دل على الاقتصار في اليوم الأول في الموضوع الذي دلت الروايات على الاستظهار كصحيحة زرارة وموثقة عبد الرحمان بن أعين وغيرهما، ومعها لا بد من رفع اليد عن ظهور الروايات في الوجوب لو سلم ظهورها، مع أنه غير مسلم أولا لما مر من ورودها في مورد حكم العقل، وفي مثله لا يسلم الظهور في التعبد، وثانيا مع هذا الاختلاف الفاحش فيها لا يبقى ظهور لها في الوجوب فضلا عن التعييني، فضلا عنه في اليوم الواحد.
لا يقال: لا يمكن رفع اليد عن الأوامر الكثيرة الواردة في الاستظهار والاحتياط ولو سلم عدم بقاء ظهورها في الوجوب فلا محيص عن الحكم بالرجحان، لا رجحان نفس الاستظهار والاحتياط، بل يفهم منها ترجيح الشارع جانب الحرمة على جانب الوجوب، فالرجحان بهذا المعنى مما لا مناص عنه فإنه يقال: هذا صحيح لو كانت أخبار الاستظهار خالية عن المعارض، لكن الأمر ليس كذلك، فإنه في كل مورد من اليوم الأول إلى العاشر مما وردت رواية أو روايات على الأمر بالاستظهار وردت رواية أو روايات أخر على الأمر بالاغتسال والصلاة وعمل الاستحاضة. ففي اليوم الأول أي بعد مضي أيام العادة كما وردت روايات بالاستظهار وردت روايات بالاغتسال والصلاة وعمل المستحاضة كما مر، وفي اليوم الثاني أيضا وردت روايات بالاستظهار مثل ما دل عليه بيوم أو يومين، ووردت روايات على أنها مستحاضة، وهي روايات الاقتصار، والروايات التي دلت على لزوم الاستظهار بيوم واحد ثم الحكم بأنها مستحاضة، وفي اليوم الثالث دلت الطوائف الثلاث على كونها مستحاضة وطائفة أخرى على لزوم الاستظهار، وهكذا. ففي كل مورد تعارضت الروايات، فلا يبقى مجال للحمل على الرجحان في جانب منها، ولا يخفى على المتأمل في جميع الروايات مع التوجه إلى حكم العقل وتخالف الروايات هذا التخالف الفاحش أن ما ذكرنا أولى مما ذكره المحققون: كالحمل على الوجوب التخييري، فإنه الاشكال في أصل التخيير كذلك يرد عليه أن الروايات كما عرفت