ثم لا إشكال في أن الوجوب الطريقي مقدمة لوضوح حالها لأجل العبادات لأن الغسل ليس بواجب نفسي، فالوجوب ههنا لأجل تحصيل الواجب الشرطي للعبادات التي هي واجبات نفسية وهل يجب الاختبار ثانيا وثالثا إذا اختبرت ورأت الدم أو لا يجب إلا دفعة واحدة؟ وجهان: من أن القطع عن الظاهر يوجب الظن نوعا بالقطع عن الداخل، فيمكن أن يكون ذلك منشأ إلغاء الاستصحاب وإيجاب الفحص، وأما لو اختبرت ورأت الدم في الداخل فيجري الاستصحاب، فتترك العبادة اتكالا عليه إلى العلم بالنقاء أو تجاوز العشرة، ومن أن الظاهر من صحيحة ابن مسلم بالتقريب المتقدم أنها كلما احتاجت إلى الغسل حسب احتياج سائر المكلفين يجب عليها الاختبار. والفرق المذكور بين موردي الاستصحاب بعيد. مضافا إلى العلم الاجمالي بوجوب العبادات أو حرمة ما على الحائض كالدخول في المسجدين واللبث في سائر المساجد، فمع عدم الحرمة الذاتية في العبادات يجب عليها الاتيان بها بمقتضى العلم الاجمالي فيجب الغسل بحكم العقل، فإذا أرادت الغسل يجب عليها الاختبار بحكم صحيحة ابن مسلم.
وإن قلنا بالحرمة الذاتية كان من قبيل الدوران بين المحذورين، فمع عدم جريان الاستصحاب يجب الاختبار بحكم العقل لاتضاح الحال. ولا يبعد ترجيح الوجه الثاني.
ثم على القول بشرطية الاختبار للغسل لا يصح بدونه ولو صادف الطهر، وهل يصح مع فرض وقوعه على وجه تعذر فيه كنسيان الاستبراء ونحوه؟ قطع بذلك صاحب الجواهر، وفيه تأمل وإشكال، لأنه على فرض الشرطية يكون الشرط هو واقع الاختبار من غير دخل لعذر المكلف فيه. نعم، لو قلنا بأن الوضع ينتزع من التكليف، ولا يجوز تكليف المعذور فلا منشأ لانتزاع الوضع كان له وجه، لكن المبنى صغرى و كبرى محل إشكال، ضرورة أن الظاهر من مثل قوله " لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه " بحسب فهم العرف في أمثال المقام أن النهي إرشاد إلى عدم تحقق الصلاة مع الوبر، فالنهي لأجل عدم إمكان الوجود، فيستفاد منه مانعية ما لا يؤكل للصلاة مطلقا، و