وقت الصلاة، بدعوى أن قوله " إذا أرادت الحائض أن تغتسل... " ليس بصدد إيكال الأمر إلى إرادتها، بل بصدد بيان أنها إذا احتاجت إلى الغسل بحضور وقت العبادة المشروطة به وأرادته بحسب طبع التكليف، وبعبارة أخرى: إذا احتاجت إليه وكان في الخروج عن التكليف لا بد منه فعليها الاختبار، فوجوب الغسل ولزوم إرادته مفروض الوجود، وإنما أوجب عليها الاختبار عنده. وهذا وإن كان بعيدا عن ظاهر اللفظ لكنه غير بعيد بالنظر إلى أن إيكال الأمر على إرادته أبعد منه جدا.
ومنها مرسلة يونس (1) ورواية " شرحبيل الكندي " (2) وهما مع ضعفهما سندا لا تدلان على وجوب الاختبار، بل ظاهرتان في كيفية معرفة المرأة بطمثها و طهرها عند الشك فيهما. ومثلهما موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت:
المرأة ترى الطهر وترى الصفرة أو الشئ فلا تدري أطهرت أم لا، قال: فإذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط وترفع رجلها على حائط كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد أن يبول، ثم تستدخل الكرسف، فإذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج، فإن خرج دم فلم تطهر وإن لم تخرج فقد طهرت. (3) وسؤاله وإن احتمل فيه أمران: أحدهما السؤال عن الوظيفة الشرعية، والثاني عن كيفية معرفتها بالطمث كما في رواية الكندي، بل الاحتمال الأول أقربهما، لكن يظهر من الجواب أن مقصوده كان معرفة الطمث، فإن قوله " فإذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج " هو الجواب عن سؤاله، وهو مناسب للاحتمال الثاني. وبالجملة إن جوابه إنما يكون عن أمر تكويني، إلا أن يقال إنه مقدمة للأمر الشرعي و الوظيفة وهو كما ترى، فلا تدل الموثقة على المطلوب بوجه. ومنه يظهر الحال في دلالة ما عن الفقه الرضوي مع الغض عن سنده، فالعمدة هي صحيحة ابن مسلم مع تأيدها بدعوى الشهرة وعدم الخلاف