والاجتهاد الإمامي مدين في حيويته وتدفقه إلى آراء الشيعة في علمائهم ومراجعهم، وأنهم مهما بلغت منزلتهم وسمت مرتبتهم ليسوا بفوق أن يخطئوا، وإن هم إلا أبناء الدليل وأتباع البرهان، فهم في نصب مستمر وجهد واجتهاد وتعب في استنباط النصوص الشرعية، وتوظيف الأدلة، وقبلها في التأسيس عقليا وشرعيا لصحة أدلتهم، ومع كل هذا فهم ليسوا في مأمن من الخطأ مهما بلغوا من الشأو، وإن العصمة لأهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ومن هنا فقد حطم الشيعة عقدة القداسة... قداسة الرجال غير المعصومين، والجمود على رأي عالم معين مهما عظم شأنه، فبقي المجتمع الشيعي ينبض بالحياة، ما دام لا يجيز فقهاؤه تقليد المجتهد الميت، حتى لو كان أعلم من الأحياء إلا في نطاق ضيق محدود. فالحياة شرط حيوي في جواز اتباع رأي المفتي ومرجع التقليد.
يقول الإمام (قدس سره) في هذا المضمار: اختلفوا في اشتراط الحياة في المفتي على أقوال، ثالثها الفصل بين البدوي والاستمراري، ولا إشكال في أن الأصل الأولي حرمة العمل بما وراء العلم خرج عنه العمل بفتوى الحي، وبقي غيره فلا بد من الخروج عنه، ولما كان عمدة ما يمكن أن يعول عليه هو الاستصحاب فلا بد من تقريره وتحقيقه.
ويخلص الإمام رضوان الله عليه إلى نتيجة خلاصتها انتفاء جواز تقليد الميت إلا في حالات استثنائية، يقول (قدس سره) في هذا المضمار: وغاية ما يستدل به لتقليد الميت هو بناء العقلاء، فالمباني العقلية تفصل بين التقليد الابتدائي للميت