الفقه الجواهري هو فقه متحرك، ومعنى هذا أن لعاملي الزمان والمكان أثرهما الفاعل في حركة الفقه، والاجتهاد الجواهري يتغير بتغير هذين العنصرين (1)، ويوضح ذلك قائلا: إن موضوعا ما في الفقه، قد يتخذ في الظاهر حكما معينا من الأحكام، ولكن بمرور الزمن، وتغير الأمكنة يخرج ذلك الموضوع - وتحت تأثير الظروف الزمانية والمكانية، والعلاقات الاقتصادية والسياسية العالمية - من عنوانه السابق، ليدخل تحت عنوان جديد، ومن المحتم عندئذ أن يكون للموضوع الجديد حكم جديد.
ويسوق - رضوان الله عليه - أمثلة لذلك، فقد كان حمل السلاح في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) جائزا شائعا، ولكن في عالم اليوم، تغيرت ماهية الموضوع إلى الحد الذي لا يجرؤ فيه أي من الفقهاء في الافتاء بجواز حمل السلاح، ثم يعد فتواه هذه مطابقة للموازين الفقهية.
وينسحب الأمر أيضا على مسألة بيع واستهلاك المخدرات، فقد أجاز عدد كبير من الفقهاء ذلك فيما مضى، أما اليوم، ومع هذا الوجود الهائل لعصابات التهريب، وما يكمن وراء ذلك من أهداف استعمارية، لا يوجد فقيه واحد يمكنه إباحة ذلك وتجويزه.
لقد أورد الإمام الراحل - رضوان الله عليه - أمثلة عديدة في هذا المضمار وكلها تؤكد بما لا يقبل الشك بأن مسألة الفقه المتحرك لا تنحصر في طرقه الحديثة