ومن هنا فإننا لن نواجه أبدا في كتب الإمام الراحل (قدس سره) الفقهية موردا من هذا القبيل دون استنطاق للآيات والروايات ونصوصها، سواء في بيان معاني الأحكام أو تعزيزها باستدلال عرفي وعقلي، فالإمام - رضوان الله عليه - لا يستبدل موضوعا جاهزا من قبل وإحلاله مكان موضوع آخر إلا في ضوء ما أسلفنا ذكره.
إن مسألة تأثير الزمان والمكان في الفقه والتي حظيت باهتمام الإمام - رضوان الله عليه - هي: أن الموضوع التي يتخذ في الظاهر حكما لا مناص منه، يكون بمرور الزمن وتغير الظروف العامة قد خرج عن حكمه الخاص في ظروفه الخاصة، وبالتالي يستلزم حكما آخر بعد أن دخل في موضوع آخر، وبالتالي استلزامه بطبيعة الحال لحكم جديد.
والمسألة بعد التغير هي كسائر المسائل المستحدثة تحتاج إلى حكم فقهي ينسجم مع الموازين الفقهية ويتوجب خضوعه للقواعد الفقهية.
وبالتالي فإنه لا يعني عندما يفقد موضوع ما حكمه، يكون قابلا وخاضعا لحكم العقل على أساس القياس والاستحسان، ومن ثم اعتبار ذلك فقها متحركا.
وفرق شاسع بين البحث عن حكم جديد لموضوع فقد حكمه السابق بسبب تغير الزمان والمكان ومجمل الظروف، وبين استغلال هذا الفقدان لاصدار حكم جديد انطلاقا من اعتبارات القياس والاستحسان والرأي التي تتناقض مع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الفقهية.