وقد استمر هذا الأسلوب حتى يومنا هذا، إذ نجد في آثار إمامنا الراحل (قدس سره) وفي مضمار الفقه اهتماما فائقا بهذا الاتجاه كما سنوضح ذلك فيما بعد.
وعلى هذا فإن من أبرز معالم الفقه الشيعي هو ابتعاده عن أسلوب القياس وطريقة الاستحسان، واهماله ما يدعى بالمصالح المرسلة، والتقدم بفن الاستنباط خطى واسعة نحو الأمام.
وتعد حيوية الفقه الشيعي ومسايرته لروح العصر معلما ثالثا، فالاجتهاد في ضوء القواعد الفقهية الإمامية يحتم على الفقيه الشيعي، متابعة مستجدات القضايا واستنباط أحكامها الشرعية.
ولقد كان للمجتمع المسلم واهتمامه بموقف الشريعة إزاء المسائل الطارئة ومراجعته لفقهاء العصر الأثر البالغ في تقدم الفقه الشيعي وتبحر الفقهاء في مختلف العلوم، ومن ثم تضاعف أعداد المجتهدين، من أجل أن تكون هناك أجوبة جاهزة لمختلف المسائل والقضايا التي تهم المجتمع الاسلامي. وقد كان للحضور الفاعل والواسع للفقهاء في الحوزات والمحافل العلمية الشيعية آثاره الكبيرة في نمو وتقدم طرق الاستدلال، وفي ترشيد الرؤى والأفكار الفقهية، وأن يكتسب الاجتهاد بشكل عام - فيما بعد - ملامح مدرسته المتحركة.
ومن خلال اتباع سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله (عليهم السلام)، فقد استمر الشيعة في مواصلة طريق الاجتهاد، فكان نبعا متدفقا فياضا بالخير، وكان بحق وما يزال يمد الثقافة الاسلامية بالأفكار المتجددة والنظريات العلمية الرائدة التي أسهمت ولا ريب في إغناء حضارة الاسلام وإثراء ثقافته.