والإمام الراحل وهو يطرح شروط المرجعية العليا، فإنه يحدد ملامح شخصية الزعيم الديني، الذي ينبغي أن يكون ذا رؤية سياسية رشيدة، وعقلية اقتصادية عميقة تمكنه من فهم قوانين الاقتصاد العالمي، من أجل أن يتعرف على مواطن الضعف في النظم غير الاسلامية، فالزعيم الذي يطرح نفسه عالميا لا ينبغي له أن يكون خاويا من ثقافة عصره.
وكاتب هذه السطور لا يدعي أبدا انتفاء اجتهاد من لا يلم بثقافة زمانه، وبالعكس فلا يثبت اجتهاد فرد ما باطلاعه على ثقافة عصره فحسب، وبالتالي يحق له إبداء رأيه في القضايا الاسلامية.
إننا في صدد توضيح آراء الإمام الراحل (قدس سره) التي تتلخص في أنه لا يحق لمجتهد ما زعامة الأمة والتسلط على مقدراتها والتدخل في شؤونها السياسية بمجرد اجتهاده، بل ويجب أن لا يقتصر الفقيه على الفقه في أطره القديمة.
عليه أن يتوسع في مساره الفقهي ليشمل رقعة الحياة العامة، بكل ما تنطوي عليه الحياة من هموم في السياسية والاقتصاد والثقافة، حيث يجب على الفقيه الزعيم أن يكون قديرا في بيان الأحكام الشرعية، والقوانين العامة للفروعات والمسائل المستحدثة في ميادين السياسة والاقتصاد، معتمدا بذلك القواعد الفقهية المنقحة في الحوزات العلمية والحس الفقهي المنبثق من فهم الآيات القرآنية والروايات.