في العلم، مختلفين في الفتوى، يكون مخيرا في الأخذ بأيهما شاء، وهذا حكم مسلم بين الفقهاء، وأرسلوه إرسال المسلمات، من غير احتمال إشكال فيه (1)، مع أنه خلاف القاعدة، فإنها تقتضي تساقطهما.
فالحكم بالتخيير بنحو التسلم في هذا المورد المخالف للقاعدة، لا يكون إلا بدليل شرعي وصل إليهم، أو للسيرة المستمرة إلى زمن الأئمة (عليهم السلام)، كما هي ليست ببعيدة، فإذا مات أحد المجتهدين يستصحب هذا الحكم التخييري، وهذا الاستصحاب جار في الابتدائي والاستمراري.
نعم، جريانه في الابتدائي الذي لم يدركه المكلف حيا، محل إشكال، لعدم دليل يثبت الحكم للعنوان حتى يستصحب، فما ذكرنا في التفصي عن الاشكال الأول في الباب: من استصحاب الحكم الثابت للعنوان، إنما هو على فرض ثبوت الحكم له، وهو فرض محض.
فتحصل مما ذكرنا تفصيل آخر: هو التفصيل بين الابتدائي الذي لم يدرك المكلف مجتهده حيا حال بلوغه، وبين الابتدائي المدرك كذلك والاستمراري.
هذا مقتضى الاستصحاب، فلو قام الاجماع على عدم جواز الابتدائي مطلقا، تصير النتيجة التفصيل بين الابتدائي والاستمراري، هذا كله حال الاستصحاب.