بل يمكن إثبات ذلك من الروايات، كرواية علي بن المسيب المتقدمة (1).
فإن إرجاعه إلى زكريا بن آدم - من غير ذكر حال حياته، وأن ما يأخذه منه في حال الحياة، لا يجوز العمل به بعد موته، مع أن في ارتكازه وارتكاز كل عاقل عدم الفرق بينهما - دلالة على جواز العمل بما تعلم منه مطلقا، فإن كون شقته بعيدة، بحيث أنه بعد رجوعه إلى شقته، كان يصير منقطعا عن الإمام (عليه السلام) في مثل تلك الأزمنة، كان يوجب عليه بيان الاشتراط لو كانت الحياة شرطا.
واحتمال أن رجوع علي بن المسيب إليه كان في نقل الرواية، يدفعه ظهور الرواية، ومثلها مكاتبة أحمد بن حاتم وأخيه (2).
وبالجملة: إرجاع الأئمة (عليهم السلام) في الروايات الكثيرة، شيعتهم إلى العلماء عموما وخصوصا - مع خلوها عن اشتراط الحياة - كاشف عن ارتضائهم بذلك.
نعم لا يكشف عن الأخذ الابتدائي بفتوى الميت، فإن الدواعي منصرفة عن الرجوع إلى الميت مع وجود الحي، ولم يكن في تلك الأزمنة تدوين الكتب الفتوائية متعارفا، حتى يقال: إنهم كانوا يراجعون الكتب، فإن الكتب الموجودة في تلك الأزمنة كانت منحصرة بكتب الأحاديث، ثم بعد أزمنة متطاولة صار بناؤهم على تدوين كتب نحو متون الأخبار، ككتب الصدوقين، ومن في طبقتهما، أو