فقياس الاستصحاب في نفس الأمارة وحكمها، على الاستصحاب في مؤداها، مع الفارق، فإن المستصحب في الثاني هو الحكم الواقعي المحرز بالأمارة، دون الأول.
إن قلت: بناء على عدم استتباع قيام الأمارات - فتوى الفقيه كانت أو غيرها - للحكم، يلزم عدم تمكن المكلف من الجزم في النية، وإتيان كثير من أجزاء العبادات وشرائطها رجاء، وهو باطل، فلا بد من الالتزام باستتباعها الحكم، لتحصيل الجزم فيها.
قلت أولا: لا دليل على لزوم الجزم فيها من إجماع أو غيره، ودعوى الاجماع (1)، ممنوعة في هذه المسألة العقلية.
وثانيا: أن الجزم حاصل، لما ذكرناه (2): من أن احتمال الخلاف في الطرق العقلائية، مغفول عنه غالبا، ألا ترى أن جميع المعاملات الواقعة من ذوي الأيادي على الأموال، تقع على سبيل الجزم، مع أن الطريق إلى ملكيتهم هو اليد التي تكون طريقا عقلائيا؟! وليس ذلك إلا لعدم انقداح احتمال الخلاف في النفوس تفصيلا بحسب الغالب.
وثالثا: أن المقلدين الآخذين بقول الفقهاء، لا يرون فتاويهم إلا طريقا إلى الواقع، فالاتيان على مقتضى فتاويهم، ليس إلا بملاحظة طريقيتها إلى الواقع، وكاشفيتها عن أحكام الله الواقعية، كعملهم على طبق رأي كل خبير فيما يرجع