وإن كان بنحو التعليق، فإجراء الاستصحاب التعليقي بهذا النحو محل منع.
وفيه: أن جعل الأحكام للعناوين على نحو القضية الحقيقية، ليس معناه أن لكل فرد من مصاديق العنوان، حكما مجعولا برأسه، ومعنى الانحلال إلى الأحكام ليس ذلك، بل لا يكون في القضايا الحقيقية إلا جعل واحد لعنوان واحد، لا جعلات كثيرة بعدد أنفاس المكلفين، لكن ذاك الجعل الواحد يكون حجة - بحكم العقل والعقلاء - على كل من كان مصداقا للعنوان.
مثلا قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (1)، ليس إلا جعلا واحدا لعنوان واحد هو (من استطاع) ولكنه حجة على كل مكلف مستطيع، فحينئذ لو علمنا بأن الحج كان واجبا على من استطاع إليه سبيلا، وشككنا في بقائه، من أجل طرو النسخ مثلا، فلا إشكال في جريان استصحاب الحكم المتعلق بالعنوان لنفس ذلك العنوان، فيصير - بحكم الاستصحاب - حجة على كل من كان مصداقه.
ولهذا لا يستشكل أحد في استصحاب عدم النسخ، مع ورود هذا الاشكال بعينه عليه، بل على جميع الاستصحابات الحكمية.
والسر فيه ما ذكرنا: من أن الحكم على العنوان، حجة على المعنونات، فاستصحاب وجوب الحج على عنوان المستطيع جار بلا إشكال، كاستصحاب جواز رجوع كل مقلد إلى المجتهد الفلاني، وسيأتي كلام في هذا الاستصحاب