مقام إبراء الذمة، ويذعن بأن التسوية بينهما كالتسوية بين العالم والجاهل (1). انتهى.
وفيه مواقع للنظر:
منها: أن الخصوصية التعبدية لا يلزم أن تكون جزء المقتضي، ولا شرط التأثير، بل يمكن أن تكون مانعة عن تعين الأعلم، كالخصوصية المانعة عن الالزام بالاحتياط الموجبة لجعل الأمارات والأصول، من غير لزوم الموضوعية.
ومنها: أن أحسنية الاستنباط، وكون الأعلم أقوى نظرا في تحصيل الحكم من المدارك، عبارة أخرى عن أقربية رأيه إلى الواقع، فلا يخلو كلامه من التناقض والتنافي.
ومنها: أن إذعان العقل بما ذكره، مستلزم لامتناع تجويز العمل على طبق رأي غير الأعلم، لقبح التسوية بين العالم والجاهل، بل امتناعه، وهو كما ترى، ولا أظن التزام أحد به.
والتحقيق: أن تجويز العمل بقول غيره ليس لأجل التسوية بينهما، بل لمفسدة التضييق، أو مصلحة التوسعة، ونحوهما مما لا تنافي الطريقية، كما قلنا في محله (2).
وليعلم: أن هذا الدليل الأخير، غير أصالة التعيين في دوران الأمر بين التخيير والتعيين، وغير بناء العقلاء على تعين الأعلم في مورد الاختلاف، فلا تخلط بينه وبينهما، وتدبر جيدا.