ظنا بصدور شخص هذا الكلام، من غير لزوم الخلف (1). انتهى.
وفيه ما لا يخفى، إذ المنظور في رد الصغرى، إنكار كلية دعوى أقربية قول الأعلم، وكذا رد التوافق، لا دعوى تقدم قول غير الأعلم في مقام الاحتجاج، فما ذكره أجنبي عن المقام، بل المناقشة فيه منحصرة بإنكار الأقربية، وهو مسقط لأصل دعواه في الصغرى، إذ إنكاره مساوق لانكار أقربية فتوى الأعلم.
وأما إنكار الأقربية في المثال الأخير فغير وجيه، لأن أنظار المجتهدين لما كانت طريقا إلى الواقعيات والحجج، فلا محالة إذا اجتمع جل أهل الفن على خطأ الأعلم، لا يبقى وثوق بأقربية قوله، لو لم نقل: بالوثوق بالخلاف.
وإن شئت قلت: لا تجري أصالة عدم الغفلة والخطأ في اجتهاده، وتوهم كون أنظارهم بمنزلة نظر واحد - كتوهم لزوم الخلف - في غاية السقوط.
وعن الكبرى: بأن تعين الرجوع إلى الأقرب، إن كان لأجل إدراك العقل تعينه جزما - بحيث لا يمكن للشارع التعبد بخلافه، ولو ورد دليل صريح على خلافه فلا بد من طرحه - فهو فاسد، لأن الشارع إذا رأى مفسدة في تعين الرجوع إلى الأعلم، أو مصلحة في التوسعة على المكلف، فلا محالة يرخص ذلك من غير الشبهة الموضوعية، كتجويز العمل بخبر الثقة وترك الاحتياط.
نعم، لو علمنا وجدانا: بأن الشارع لا يرضى بترك الواقعيات، فلا يمكن معه احتمال تجويز العمل بقول العالم، ولا بقول الأعلم، بل يحكم العقل بوجوب