الرجوع إلى الغير نفس قوة الاستنباط (1)، وذلك لأن ما ذكرنا هناك إنما هو فيمن له طريق إلى الاستنباط مثل زماننا، فإن الكتب الراجعة إليه مدونة مكتوبة بين أيدينا، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، كعصر محمد بن مسلم، حيث إن الأحاديث فيه كانت مضبوطة عنده وعند نظرائه، ولم يكن للجاهل طريق إليها إلا بالرجوع إليهم.
مع إمكان أن يقال: إن إرجاع مثل ابن أبي يعفور، إنما هو في سماع الحديث، ثم استنباطه منه حسب اجتهاده، ولا إشكال في استفادة جواز الرجوع إلى الفقهاء - بل إلى الفقيه مع الأفقه - من تلك الروايات.
لكن استفادة ذلك مع العلم الاجمالي أو التفصيلي بمخالفة آرائهما مشكلة، لعدم العلم بذلك في تلك الأعصار، خصوصا من مثل أولئك الفقهاء والمحدثين الذين كانوا من بطانة الأئمة، فالاتكال على مثل تلك الأدلة في جواز تقليد المفضول مشكل، بل غير ممكن.