الخصومة بين المتخاصمين، وهو لا يمكن نوعا إلا بحكم الحاكم النافذ، وهذا أمر مرغوب فيه، لا يمكن فيه الاحتياط، ولا تتفق فيه المصالحة نوعا.
وأما العمل بقول الفقيه فربما لا يكون مطلوبا، ويكون المطلوب درك الواقع بالاحتياط، أو الأخذ بأحوط الأقوال مع تعذر الاحتياط التام، فدعوى أن العرف يفهم من المقبولة وأمثالها حجية الفتوى، لا تخلو من مجازفة، وأوضح فسادا من ذلك دعوى تنقيح المناط القطعي.
وأما قوله: (إذا حكم بحكمنا) لو سلم إشعاره بإلغاء احتمال الخلاف، فإنما هو في باب الحكومة، فلا بد في التسرية إلى باب الفتوى من دليل، وهو مفقود.
فالانصاف: عدم جواز التمسك بأمثال المقبولة للتقليد رأسا، فكما لا يجوز التمسك بصدرها على جواز تقليد المفضول، لا يجوز ببعض فقرات ذيلها على وجوب تقليد الأعلم، لدى مخالفة قوله مع غيره.
ومنها: إطلاق ما في التوقيع: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله) (1).
وتقريبه: أن الحوادث أعم من الشبهات الحكمية، والرجوع إلى رواة الحديث ظاهر في أخذ فتاويهم، لا أخذ نفس الرواية، ورواة الحديث كانوا من