من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل اللَّه أن يجمعنا بك على الحق والهدى، واني باعث اليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فان كتب اليّ أنه قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم، فاني أقدم اليكم وشيكاً ان شاء اللَّه. فلعمري ما الإمام الّا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات اللَّه. والسلام.
ودعا الحسين عليه السّلام مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعمارة بن عبد اللَّه السلولي وعبد اللَّه وعبد الرحمن ابني شداد الأرحبى وأمره بالتقوى وكتمان أمره واللطف فان رأى الناس مجتمعين مستوسقين عجل اليه بذلك.
فأقبل مسلم رحمه اللَّه حتى أتى المدينة، فصلى في مسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وودّع من أحب من أهله، ثم أقبل حتى دخل الكوفة، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيب، وأقبل الشيعة تختلف اليه، فلما اجتمع اليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين عليه السّلام وهم يبكون وبايعه الناس حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلى الحسين يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفاً ويأمره بالقدوم» «1».
قال الطبري: «وكان مسلم بن عقيل قد كان كتب إلى الحسين قبل أن يقتل لسبع وعشرين ليلة: أما بعد، فان الرائد لا يكذب أهله، انّ جمع أهل الكوفة معك. فأقبل حين تقرأ كتابي، والسلام عليك» «2».