أمراض كثيرة وحقيقتها رطوبة العين إما أصالة وهو المراد هنا أو عرضا وهو قسمان: مجلوب يعرض لمن تمكنت منه رقة القلب والخشية عند سماع موعظة وزجر وترغيب أو عند تذكار فرقة لمألوف كعشق وهذا هو المعروف بالبكاء والسائل منه هو ما تسيله الحرارة الصاعدة من الدماغ عند وصولها إليه بغليان القلب، وقد يكون البكاء عند شدة الفرح المبغت لان السرور يصعد الحرارة أيضا والأول يفسد العين لحدة الدمعة وملوحتها بخلاف الثاني (وعلاج هذا قطع أسبابه إن أمكن) وقسم يتبع أمراضا كالدمعة الكائنة عن الشعر الزائد والمنقلب وكشط الظفرة وغيرها، وعلاج هذه علاج أصولها وأما الدمعة الأصلية المرادة عند الاطلاق فهي إما عن برد الدماغ وعلامتها غلظها وكثرة الغذاء والغروية والخفة صيفا وعند الخروج من الحمام أو عن حرارته وعلامتها عكس ذلك ثم إن حدث عنها سلاق أو نقص لحم في الآماق والجفن فبورقية حادة نشأت عن امتزاج البلغم بالصفراء أو احتراق بعض الأبخرة وإلا فعن دم إن اشتد معها الحمرة ولم تلتصق الأجفان عند النوم وإلا فعن البلغم والحكة كالسلاق في الكون عن الاخلاط المالحة وكذا انتشار الهدب وعلامة الدمعة البالغة الواردة من أقاصى الدماغ انسداد الخياشيم كما يعرض في الزكام وقد تبلغ الحادة أن تفتح الثقبة التي بين العين والأنف فتسيل منها الرطوبات أيضا كما يحدث الغرب عند عظمها وربما كانت الدمعة سببا لبياض العين لان المتحلل غذاؤها (العلاج) يبدأ بالفصد إذا ظهرت علامات الدم وخزم المنخرين ثم إسهال الطبيعة بالمناسب وصرف العناية إلى تنقية الدماغ وتقويته باللوغاذيا أولا ثم الاطريفال الكبير أو أيارج أركيفانس أو فيقر أو الاصطمحيقون فإذا وثقت بالتنقية فقد حلت الوضعيات فانظر حينئذ في العين فان وجدت ورما فابدأ بتحليله لئلا يمنع من ظهور ما في العين أو يحبس ما يجب سيلانه لحبسه الجفن عن الحركة، وأجود ما حللت به الورم الحار ماء الكسفرة بلعاب السفرجل والحلبة وماء الورد والبارد بلبن النساء والأتن والحلبة ثم خذ في علاج الدمعة بالذرور الأصفر وشياف الزعفران حيث لا علة هناك وإلا فإن كان اللحم قد نقص فامزج ما ينبته كالعفص والماميثا والسماق أو حكاكة الإهليلج الأصفر والتوتيا الهندي فقد نقل ابن التلميذ تجربته خصوصا إن كانت هناك كمنة وإن كان هناك انتثار فأضف السنبل، ومما جرب للدمعة وما يكون عنها أن يطبخ ماء الرمانين حتى يبقى ربعه فيصفى ثم يضاف مثله ماء ورد وماء رازيانج ويبقى فيه لكل رطل أوقية ونصف ورق آس مرضوض ونصف أوقية إهليلج ومثقال من الصبر والزعفران والكندر والماميثا والحضض مسحوقة وتطبخ حتى تغلظ ثم يشمس في زجاج حتى يجف ويستعمل وفيما ذكر في الاكحال والشياف والبرود الذرور كفاية [دبيلة] تعد في أمراض العين والمعدة والجل اصطلحوا على ذكرها في مباحث الأورام وذلك أن الغذاء إذا ورد على البدن فعند فراغ الهاضمة منه وتسليم الغاذية إياه للنامية فلا يخلو من أن تدخله في الأقطار الثلاثة أولا والأول هو السمن الطبيعي والنمو الحقيقي والثاني أن تخص به قطرا واحدا مثلا إما لعجزها أو لكثرته وحينئذ إما أن يكون نضيجا لابسا للصورة العضوية مثل اللحم والشحم في الرجلين فقط مثلا أو فجا لم تطبخه الطبيعة لعجزها أو لكثرته أيضا أو لاختلاف كمياته وكيفياته ولم يرتب في الاستعمال ثم تدفعه الطبيعة إلى عضو ضعيف أو تجويف فيجتمع هناك ويربو وحينئذ إن كان حارا ونتأ مستديرا سمى بالاصلاح خراجا وسيأتى أو صنوبريا في الأغلب وغير الجلد أو خالطه مطلقا فهو الدمل وقد مر وإلا فهو الدبيلة فقد بان أن الدبيلات عبارة عن اجتماع ما زاد عن الحاجة من الأغذية بين الصفاقات والتجاويف وهذا المجتمع لفجاجته وميله عن المسالك الطبيعية ينوعه الفاعل فيه من الحرارة الضعيفة إلى
(٩٥)