الجامع لسائر المعاجين أن تكون بالعسل لكون مادته الأزهار المختلفة المشتملة من النفع على ما لا يحصيه إلا الصانع المختار الذي أخرجه بالحركة من العصارات الهيولانية إلى الصورة النوعية فكانت المنافع به تتضاعف مع العقاقير. فان قيل كما اشتملت الأزهار المذكورة على منافع كما قلتم فكذلك اشتملت على مضار إذ ما من مفرد خلا العنبر واللؤلؤ والذهب إلا وهو كذلك قلنا ذلك مدفوع بالتصعيد المشاهد تحليل الاجزاء به فامتصاص النحل وقلبها وطبخها له أولى بذلك إذ التصعيد رتبة واحدة وقد سلمتم نفيه الضرر ولان النخل غالبا لا تهتدى إلا إلى رعى الأنفع ولان الله تعالى سماه شرابا والشراب موضوع للنفع ثم حقق ذلك بقوله (فيه شفاء للناس) وبقوله عليه الصلاة والسلام (شفاء أمتي في ثلاث شرطة محجم أو لعقة من عسل أو آية من كتاب الله) فوجب القطع بأفضليته على غيره ويجب كونه نيئا في الكبار وأن يكون ثلاثة أمثال الأدوية لتنضج وتمتزج برطوباته الحسية وإلا عقد وجعل مثلي الأدوية واشتمال كل على ما سلف في الباب الثاني من القوانين واختيار أعشابها بل مفرداتها من أجود النوع قد اجتنى في الوقت الصالح له وخزن على الهيئة المطلوبة كما مر وإن روعي فيه مناسبة الكواكب فهو أتم وأبلغ (وأما المسهلات بخصوصها) فيراعى فيها اختلاف السن والبلد والمزاج والزمان والقوة والبعد والقلة وحال العضو وعكس ذلك ووضعها في صاف لا يتحلل إلا الزجاج فإنه مجفف بطبعه كغيرها وتاريخ مددها ومقاديرها وبماذا تؤخذ وتقطع وما الذي يزاد عند تحدد طارئ، فقد تدعو الحاجة إلى اتباعها بمصلح وإن اشتملت عليه سابقا لعدم ضبط الأزمان، ومتى ادخرت فإن كانت لمعين فلا بحث والأوفق ما بين مزاجها ومزاج أي شخص كان ببعض المفردات المناسبة مطبوخة أو معقودة لا معجونة كالأصل كما صرح به في الكتاب الكبير وخف إصلاحها وسهل إذا قارب المستعمل الطارئ مستعملها الأصلي في سن أو مزاج أو بلد أو غير ذلك (وأما المفرحات) فتزاد على ما ذكر حل المعادن فإن لم يكن فليسحق المنطرق ويذر اليابس عليه ذائبا كما مر وأن لا تمزج بمسهل خصوصا القوى ولا ما يحرك السوداء ولو للاخراج لمعاكسة البخار التفريح. واعلم أن المفرح يطلق على ثلاثة معان: أشرفها ما يسر القلب ويسرى الكرب ويبسط النفس ويحد الادراك والحس كأوائل نشوة الخمر كماء المعادن والنباتات كالمتخذ من قاطر الرمان والدار صيني والجوزبوا إذا عجن به القرنفل والصندل والتنبول، ويليه ما يحد الفهم والقوة الناطقة لكن لم يؤثر فضل تأثير في دفع الهموم ولا السموم كالمتخذ من اللبن والكادى والكندر والريباس والكزبرة والفستق، والثالث ما يثقل بعد خفة ونشاط بواسطة التجفيف ويكدر ويمنع النوم تارة واليقظة أخرى ويثقل الحواس عند انحطاطه ويخنق الحلق ويسئ الهضم كالافلونيا والبر شعثا واللفاح وهذه قد يوقع كثيرها في القتل وفساد البدن. وأما باقي المعجونات: فعلى ما مر من القوانين وقد تقدم تعليل الأسماء وأن البدل لا يعدل إليه إلا عند تعذر الأصل فيراعى مراعاة المبدل منه وزيادة فهذه نبذة مما يجب استحصاره لمن أراد الشروع في تركيبها. ولنقدم منها على ما بقى من المسهلات مالا اسم له مشهور كما قلنا ثم نتبعها بالمفرحات على الشريطة المذكورة ثم باقي المعجونات ومن الله سبحانه نستمد العصمة في الأقوال والافعال وحسن المقاصد والأحوال [معجون السورنجان] ويترجم بالنقرس وهو من صناعة سقراطيس رأيته في استفتاح المغالق وبه عالج بختيشوع بن جبريل الرشيد وهو بالغ النفع في عرق النساء والمفاصل والنقرس والبلغم اللزج وسائر ما في الأعصاب والرجلين. وقال ابن ماسويه تبقى قوته إلى ست سنين وليس كذلك والصحيح أن قوته تبقى إلى أربع وأنه لا يستعمل قبل ستة أشهر ولا يجوز لمحرور ولا من لم يجاوز الأربعين إلا إذا توفرت أسباب البرد كرومى بلغمي شتاء لأنه حار يابس في الثالثة أو يبسه في الثانية
(٣٠١)