كما إذا فتح الدواء وقبض فان فيه حرارة وبرودة أو حلل ولزج فان فيه زبدية ونارية، وكذا إذا أسهل غير محكم الدق كالسقمونيا أو فتح إن لم يغسل كالهندبا أو أصلحه التصويل والغسل فلم يغث ولم يكرب كاللازورد أو حلل من خارج ولم يفعل من داخل ذلك كالكسفرة فانا نعلم في مثل هذه أن الجزء الحار ضعيف لم يبق مع الحرارة الداخلة إلى حين الفعل (الثالث) في الافعال الداخلة على تركيب المفرد من غير علاقة بالبدن كتحليل البسفايج للدم الجامد واللبن وتجميده لهما فان كلا من الفعلين بجوهر يضاد الآخر وكظهور أجزاء اللبن الثلاثة بالعلاج فإنه دليل على تركبه منها وكانعقاد العسل بالبرد لما فيه من الماء وبالحر لما فيه من الأرض وكرسوب العصارات وصفائها إلى غير ذلك (الرابع) في ذكر الاستدلال على الدواء وغيره من الأقسام التسعة بالطريق المعروف بالتحليل ولم يذكره الشيخ ولا غيره من الأطباء وهو مأثور عن القدماء. وهو أنا إذا جهلنا مزاج مفرد وضعنا منه قدرا معينا في القرعة وركبنا عليها الإنبيق واستقطرناه فيسيل منه بالضرورة جزء مائع وجزء زبدي ويتخلف آخر ويصعد آخر فالمائع الماء والزبد الهواء والصاعد النار والثابت التراب قياسا على العناصر فيتضح مزاج المفرد في نفس الامر، ثم إن الدواء قد يفعل فعلا أوليا وهو ما يكون بأحد الكيفيات وفعلا ثانويا وهو الكائن بالصورة في الدواء والمادة في الغذاء وكل منهما إما كلي لا يخص عضوا بعينه كماء الشعير في الحميات أو جزئي كاختصاص الاسطوخودس بالدماغ، وقد يكون للدواء فعل يشبه الكلى من جهة والجزئي من أخرى كالزنجبيل المربى فإنه من حيث تنقية الخام من المعدة ينفع سائر البدن في صحة الهضم العائدة على سائر الأعضاء ومن حيث تنقية الرطوبات الغريبة منها ينفعها خاصة وهذا جزئي (الخامس) في ذكر ما يعرض لها من الأوصاف يتصف الدواء بما يظهر جدا ويشتهر في هذه الصناعة مثل الطعم واللون الرائحة وقد لا يشتهر إلا في صناعة أخرى كالثقل والخفة والحداثة والقدم والانضاج والتبخير إن تعلق بالحرارة والتكرج والملاسة بالبرودة والتكسير والتفتيت باليبوسة. قال بعض الشراح للقانون والارتضاض والحق أنه كالانتقاع والبلة من أوصاف الرطوبة إذ الرض عبارة عن تصاغر الاجزاء من غير انفكاك، أما اللدونة واللزوجة والدهنية فقالوا إنها وسائط بين ما ذكر من الظاهر والخفى والأوجه عندي أنها ظاهرة وإنما أشكل الأمر عليهم لعسر الفرق بين أنواعها وأنا أرى أنه لا واسطة بين ظاهر وخفى في الصناعتين وإنما تقدم أوصاف ظاهرة، وأما الخفى فمثل التفتيح والتعقيل والتليين والتقطيع والادمال والتلزيج أو التكثيف والتلطيف اللهم إلا أن يريدوا بالمشهور ما كثر دورانه على ألسنتهم وغيره ما قل أو عدم فعلى هذا تكون سائر الأوصاف بالنسبة إلى الفلسفة الثانية مشهورة ظاهرة وأما الذكورة والأنوثة في سوى الحيوان فمجازية أحوج إليها ما في بعض أنواع الدواء بل والغذاء من نحو الخشونة والكثافة والسواد الأكثرية في الذكور وألحق بعضهم بالحيوان ما فيه رسوم الأعضاء مفصلة كاليبروح وبعض أصناف التفاح (وأما تفاصيل هذه الصفات) فحقيقة الامتداد ذهاب الشئ في الأقطار من غير انفصال بل بزيادة في بعض الأقطار ونقص في آخر وهو أعم من الانطراق مطلقا فيعطى الممتد لمن يبوسته في الأولى والمنطرق لمن رطوبته فيها ومن ثم تغسل الشادنة في كحل الرطوبة ويكلس المرجان في الدمعة إلى غير ذلك (واللطيف) ما انفعل عن القوة الطبيعية متصاغر الاجزاء وقلت أرضيته سواء كانت سائلة بالفعل كمرق الفراريج أو بالقوة كالصموغ (والكثيف) عكسه في القسمين كالتربد واللبن والرقيق قد يكون لطيفا كما ذكر وقد يكون كثيفا كالشيرج والغليظ كذلك وكمح البيض والجبن، وأهل هذه الصناعة يرون ترادف الرقيق واللطيف وترادف الكثيف والغليظ والصحيح
(٢٥)