أخذوا في الحيلة على تحليله بقوانين منها الطبخ وقد علمته ومنها السحق وقد يضعف قوة الدواء في نفسه لاستيلاء الهوائية عند تصاغر الاجزاء وإن لم تنقص جملته فليسلك فيه قانون الطبخ من عدم المبالغة في سحق اللطيف كالسقمونيا والمبالغة في نحو الزمرد والتوسط في نحو الغاريقون وكل ما لطف من العصارات كالغافث والصموغ كالحلتيت والألبان النقوعية كاللاعبة لم يبالغ في سحقها حتى إن السقمونيا متى اشتد سحقها لم تسهل وإياك وسحق الهش كالكندر والرطب كالفستق واللصوق كالأشق فيما يتحلل منه زنجار كالنحاس وإن قيل إن الرطب الدهن كالصنوبر لا يضره ذلك لعدم التصاق الدهن واسحق الهش مع اللدن والصلب وحده واللين مع محرق كالمصطكي مع الشادنة المصلح مع محتاج إليه فإن كان أحدهما أصلب فأوصله بالسحق إلى قوام الثاني وامزجهما كالإهليلج الأصفر مع السقمونيا ولا تسحق بزرا إلا وحده وكذا المعدن والحل به أيضا وحك النقدين إن لم تحلهما وكلسهما بنحو اللؤلؤ إن عدلت إلى السحق، ولا تسحق بحريا مع برى كمرجان وياقوت ولا حامضا في نحاس ولا تنضج يابسا فيه كما في الأشنة مع الخل. ومن الفوائد العجيبة المفسد الاخلال بها غالب الأدوية: لا تجمع الإهليلج والغاريقون ولا تسحق صبرا بلا مصطكي ولا الشيح مع شئ ولا الداري بلا فلفل ولا الشادنة واللازورد والحجر الأرمني بلا غسل وترويق والبادزهر بلا ورد ولا السنا مع المحلب ولا الانيسون بلا خولنجان ولا حب الملوك بلا كثيرا ولا الزعفران بلا كبابة وأجد سحق الاكحال بعد غسل الأثمد ولا تضعها في العين وأجد سحق الاكال كالزنجار واستقص شحم الحنظل ودقه مع الانيسون واسحقه مع النشا ولا تنعم أدوية الدماغ وبالغ في دواء؟ المقعدة ولا تخرج فاكهة من حبها ولا بكترا من قشره ولا شحم حنظل إلا عند الاستعمال. وأما قانون الحرق فعجيب لانتقال الأدوية به عن طباعها وذلك أن الجسم إما أن لا يفارق أعراضه المدركة بالحس أصلا كالملح وهذا يدوم على طبعه أو يفارق فإن كان سخيف الجسم صقيلا متخلخلا برد بالاحراق كالزجاج وذهبت حدته أصلا كالزاج إن صار رمادا وإلا اعتدل وإن كان بالعكس انتقل من البرد إلى الحر كالنورة. والحرق إما لذهاب الحدة كالزاج أو للتلطيف كالملح أو لحل السمية كالأفاعي أو لذهاب ما فيه من الاجزاء الغريبة كالنطرون أو لاستعماله في عضو سخيف لا يقبله قبل ذلك كالشيح والبنج في الاكحال أو ليقوى على سد المنافذ بالرمادية كوبر الأرنب والعقيق في قطع الدم ولا تجمع بين معدنين في الحرق إلا أن يدخلا تحت جنس كملح وبورق واستقص حرق الاحجار وخفف في النبات والحيوان وبالغ في الخفة في الحرير والصموغ. واعتمد التصويل بعده إن أردت التبريد وإلا فلا فإنه يبرد أو يعدل أو يزيل الأوساخ والجوهر الحار ويرطب اليابس ويكسر الحدة من نحو العرطنيثا ويزيل الغثيان من نحو اللازورد، وإياك وغسل البقول وما جوهره الحار في ظاهره فإنه يورثها النفخ وعليك بغسل القصب السكري والفواكه من غبار الهواء خصوصا العنب وما كان على الأرض كالبطيخ. وإذا سلقت البيض فبادر إلى غسله بالبارد حارا لينتزع من قشره الاعلى بسهولة. ولا تنس مكلسا من العسل وتحر الترويق لئلا يذهب الدواء والعسل إن كان بماء فمعلوم وإلا فاحذ به حذو الطبع المعمول له فاغسل البلغمي بماء العسل وحارا بالخل إلا ما نص عليه بشئ مخصوص لفائدة كما ستراه في مواضعه. وأما مجاورة الدواء لغيره فقد تكون مصلحة تفيد بقاءه كالفلفل والكافور والتين لدهن النفط والساذج للزنجبيل والملح للبيض. وقد تكون مضرة كالسقمونيا للآس والحلتيت للعنبر والدهن للفيروزج. وحاصله أن المعادن خلا الذهب لا يجوز وضعها مع بعضها المخالف لها في النوع والجنس إلا جواذبها كالكمافيطوس للفضة والمغناطيس للحديد. وأما النبات
(٢٩)