الاعتدال من الحرارة والبرودة في الكثيف المعتدل كانت الحلاوة لاعتدال الأشياء كذا قرروه، وقرر بعض المحققين أن الحلاوة تكون من فعل الحرارة في المعتدل في الكثافة والنفس إليه أميل وإن فعلت الحرارة في اللطافة كانت الحرافة للتخلخل والنفوذ فان توفرت الرطوبة اشتدت الحرافة كما في الثوم وإلا خفت كما في الباذنجان أو فعلت في البرودة اللطيفة كان الحمض للمعاصاة فيتعفن ويتلطف فلا يمرر ولا يبالغ في العفوصة ويتفاوت كالسماق والزرشك، أو فعلت في متوسطة اللطف كانت الدسومة لامتداد الاجزاء مع الحرارة وخدمة الرطوبة ولطف الحرارة فتكون من قبيل التبحير لا التجفيف وإن فعلت الحرارة في معتدل بين الغلظ واللطافة فالملوحة والاعتدال في الاعتدال هنا تفاهه والحرارة في البارد قبض هنا، فهذه أصول الطعوم على ما أدى إليه الاجتهاد في القوانين فلا يعترض بالورق لأنه ملح قوى ولا باللذع لأنه مدرك بسوى اللسان فلا يكون طعما وحقيقة الماء الحلو أن يفعل الملاسة والاستلذاذ والمالح الملاسة وقوة الجلاء والدسم الملاسة مع قلة الجلاء والمز الخشونة والجلاء القوى معها والحريف الجلاء القليل معها والعفص الخشونة والكثافة القوية والقابض فوقه والتفه ما لا يظهر معه شئ من ذلك، وحيث عرفت أصولها وأن حدوثها من فعل الثلاثة وانفعالها للثلاثة عرفت أن الحريف أقوى الثلاثة الحارة تسخينا لأنه أشدها حرا عند الشيخ وجالينوس لسرعة نفوذه وتلطيفه وجلائه وتقطيعه ثم المر لكثافة مادته ثم المالح لأنه مر زادت رطوبته ومن ثم يعود إذا زالت كما في المالح المشمس والمحرور ومن ثم حكم بأن أسخن أصناف الملح المر وعند قوم أن الحريف ليس بأسخن من المر ولا المر من المالح لجواز أن يكون ضعف حالتيه مستندا إلى كثافته فلا ينفذ حتى يضعف قلت وهذا لا يجرى بينه وبين المالح والتحقيق في مثل هذا البحث أن نقول لا نزاع في أن الحريف أسخن من المر والمر من المالح في أنفسها أما باعتبار أفعالها في البدن فظاهر ما حرروه عدم الدليل القطعي على ذلك وأما الطعوم الباردة فأشدها برد العفص لتكيف مثل البلح والحصرم به أولا، ثم القابض لانتقالها إلى عند اعتدال الهوائية والمائية، ثم الحامض لصيرورتهما إليه عند كثرتهما فالقبض والحمض وسائط بين الحلاوة والعفوصة قال الشيخ وقد تسقط الحموضة من بين الحلاوة والقبض في نحو الزيتون وأقره الشراح وعندي فيه نظر لان ذلك لا يكون انتقالا من القبض فقط بل من المرارة الممزوجة به كما شاهدناه في بعض أنواع البطيخ فإنه يكون مرا ثم يحلو عند استيلاء الهوائية. وأما المتوسطات فأشدها حرا الحلو ثم الدسم ثم التفه وقد مر دليله وأما في جانب اليبوسة فأقوى الطعوم يبسا المر لكثافته وأرضيته ثم الحريف لأرضيته وقد سبق في العناصر أن اليبس في الأرض أصلى ثم العفص لمائيته بالنسبة إليهما وإن جمدت وأما من جهة الرطوبة فأرطبها التفه ثم الحلو ثم الدسم وقيل الدسم قبل الحلو وأما المعتدلة فأقربها الحامض ثم القابض وأكثرها يبسا المالح وأغلظ ما موضوعه الغلظ العفص لوجود المادة فيه فجة ثم الحلو لانتقاله إليه ثم المر وفيه نظر لمامر من غلظ مادته وتقدمه على الحلو في مواضع وألطف ما موضوعه اللطافة الحريف لتخلخل أجزائه ثم الحامض وإن كثفت مادته لان فيه مائية كثيرة ثم الدسم للزوجة أجزائه بالدهنية وأما ما توسط منها بين اللطافة والكثافة فأقربها إلى اللطافة المالح وإلى الكثافة القابض وكانت التفاهة حقيقة الوسط لما سبق وقد تتمايز هذه الطعوم من بعضها بما تفعله في اللسان فالعفص ما قبض اللسان ظاهرا وباطنا وعسر اجتماع أجزائه وقول الشيخ إنه ألطف يريد به بالنسبة إلى القابض والحريف فإنه وإن قبض بالغا لا ينافي لطفه النسبي في قلة الايذاء فلا حاجة إلى حمله على غلط النساخ والقابض ما جمع ظاهر اللسان فقط وقد يجتمعان كما في العفص ويفترقان فتوجد
(٢٣)