إلا سرعة الإجابة والتأثير كتسمية الأفيون ترياقا لقطعه الاسهال في الوقت وحب الأترج بادزهر لدفعه السمية (وأما المفرح) فهو في الحقيقة الدواء الذي يبسط النفس ويسر القلب ويزيد الدماغ ويحفظ الكبد ويصرف الهموم ويذهب الكسل وينشط الحواس ويشد الأعضاء ويصقل الذهن ولا توجد هذه الأوصاف في مفرد سوى الخمر، وأما في المركبات فكثيرة على ما ستراه وكثيرا ما تطلق الأطباء التفريح على ما كان جيد الغذاء كالبيض وقليل الضرر كالتفاح وقد يطلقون التفريح على كل دواء جفف الرطوبات وخدر الأعضاء نقص الحس والعقل كالبر شعثا والحشيشة والجوزبوا وهذا تخدير لا تفريح كما ستجده (السادس) في ذكر ما يحوج إلى مقادير الدواء. اعلم أن مدار مقدار الدواء على شرف المنفعة وكثرتها وضعف الدواء وبعد العضو المؤف عن المعدة وإصلاح المفرد مضار غيره، فمتى وجدت هذه وجب تكثير المفرد وإلا قلل وكذا شرف المنفعة وإن قلت ككونه نافعا لاحد الأعضاء الرئيسية فقط ثم الطريق في المركبات دائرة على تركيب هذه وبسائطها القوة والكثرة والشرف وقرب العضو وقلة الضرر ونظائرها فإذا كان الدواء قويا كثير النفع جعل متوسطا أو ضعيفا كثيره كثر جدا أو قويا قليله قلل جدا في الغاية، وقس على هذا البواقي فإنها واضحة.
(السابع) ما يعرض لها من الافعال الخارجة عن الطبيعة المعروفة بالصناعة، قد عرفت تقسيم أنواع المواليد إلى البسائط الثلاث ومركباتها الست وقد علمت أوصاف الأدوية وأن منها ما لا يؤثر فيه الطبخ شيئا كالاحجار فليس الكلام فيها. واختلفوا في المتطرقات، فذهب قوم إلى أنها كالاحجار وآخرون إلى أنها يتحلل منها شئ مفيد واحتجوا بأن الفضة المغشوشة مثلا إذا غليت ظهرت الفضة على الغش ساترة فعلى هذا يكون وضعهم الذهب في المساليق مفيدا وكأنه الأوجه (وأما الحشائش) فلا نزاع في تأثيرها بالطبخ وغيره ولكنها مختلفة في هذا الغرض فإذا كانت الأبدان ضعيفة والأسنان كذلك والبلاد حارة فالسلافات أولى من الاجرام ولكن من الأدوية ما إذا طبخ سقطت قوته رأسا كالخيار شنبر فلا يمس بنار ومنها ما جوهره ضعيف المزاج وإذا طبخ لم يبق له جرم كالهندبا ومثل هذا إن أريد استعمال مجموعه صحت المبالغة في طبخه وإلا اكتفى فيه بحرارة الماء بل الجل على أن الهندبا لا تمس بماء لمفارقة جوهرها اللطيف بمجرد الغسل ومنها ما إذا اشتد امتزاجه كشف جرمه وهذا إن كان ثقيلا ضار الجرم استقصى طبخه وصفى كالسنا أو نافعه استقصى ولم يصف لسهولته على الطبيعة لتخلخل الطبخ، وإن لم يكن ثقيل الجرم وسط طبخه وأخذ ماؤه فقط والطبخ يطلب عند عجز الطبيعة وغلظ الدواء وقلة نفع الجرم وعند إرادة أخذ جوهري الدواء وكمريد الاسهال من العدس فإنه يقتصر على شرب مائه ومريد القبض منه فإنه يقتصر على جرمه ولا تأثير بسوى الطبخ ومتى كانت القوة قوية والحاجة داعية والمطلوب الاسهال لا التليين وجب استعمال الجرم مطلقا. واعلم أن العصارات لا تطبخ بحال، وأما الثمار والأوراق فيسلك بها ما ذكرنا في القانون السابق، وأما الأصول فإن كانت من أشجار وجب طبخها وإلا كان الأولى. ثم من المفردات ما يطبخ في بعض الأصناف دون بعض كالإهليلجات فإنها لا تطبخ في حقنة أصلا لما فيها من العفوصة والقبض فتحبس الدواء وتطبخ في غيرها لملاقاتها الحرارة الغريزية في المعدة فتكمل حلها وكالورق بزر وحب إلا ما كثف قشره فكالأصول كلب القرع فان دق أو قشر فكالعصارات وما ركب من هوائي ومائي جامد إلى الأرضية ويعرف بإعطاء الحلاوة أولا فالمرارة كالغاريقون لم يمس بنار البتة واستثنوا من العصارات السقمونيا فإنه يجوز جعلها في المطابيخ كما صرحوا به، ولما كان المطلوب من الدواء استيلاؤه على البدن وتعمقه ليستأصل الخلط وكان ذلك غير ممكن والدواء على حاله