وانتشار البلاغة في عهد محمد، ولكن، هل معنى هذا هو انتشار الطب بين بني إسرائيل في عهد عيسى؟ لا، فإن الثابت أن معرفة بني إسرائيل بالطب كانت قليلة حينذاك وقبل ذاك، حتى لقد كان انتشار الوباء بينهم من أسباب إخراجهم من مصر (1)، والحقيقة أن معجزات عيسى في صميمها تتسق مع مولده، فمعجزاته من نوع مولده ترمي إلى إحياء الناحية الروحية وإقامة الدليل على وجود الروح، تلك التي أنكرها أكثر بني إسرائيل، فخلق شكل طير من الطين لا حراك فيه، ثم النفخ فيه فيتحرك ويطير مع أن مادته لم يزد عليها شئ، معناه أن زيادة جديدة طرأت، وهذه الزيادة ليست مادية قط، فلا بد أن تكون روحية، وجسم الميت الذي لا يتحرك ولا يعي، يصبح بعد محاولة عيسى حيا واعيا دون زيادة مادية عليه، فمعنى ذلك وجود الروح.
وتتصل بمعجزات عيسى عليه السلام خرافة كان جديرا بنا أن نغضي عنها الطرف، ولكن لا بأس من إيرادها للترويح، فقد ذكر الأب بولس إلياس (2) في مجال الفخر بعيسى ومعجزاته ما يلي:
(ومن مزيته التي لا يفاضله فيها نبي ولا رسول أنه أفضى بالقدرة على إتيان المعجزات إلى تلاميذه، ثم جدد منحها لهم بعد قيامه من الموت وصعوده إلى السماء، وأورث كنيسته تلك القدرة أيضا).
ولو استطاع البابا الآن أن يحيي الموتى أو يبرئ الأكمه والأبرص كما كان عيسى يفعل، لو استطاع ذلك لتوقف الخلاف بين الأديان ولاتبعه كافة البشر، ولكن هيهات أن يكون ذلك، فليس البابا إلا إنسانا يمرض ولا يعرف الطريق إلى علاج نفسه، فما بالك بعلاج سواه، وقد رأينا حديثا أحد البابوات