وإذن فالتعبير بقوله (ورافعك إلي) وقوله (بل رفعه الله إليه) كالتعبير في قولهم: لحق فلان بالرفيق الأعلى، وفي (إن الله معنا) (1) وفي (عند مليك مقتدر) (2)، وكلها لا يفهم منها سوى معنى الرعاية والحفظ والدخول في الكنف المقدس (3).
وهناك آية كريمة أقوى دلالة من آيات الرفع، ولكنها مع هذا لا تعني سوى خلود الروح لا الجسم وهي قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (4).
فمع أن الآية قررت أنهم أحياء فليس معنى هذا حياة الجسم، فجسم الشهيد قد ووري التراب، ومع أنها قررت أنهم عند ربهم، وأنهم (يرزقون) فليس المقصود هو العندية المكانية، ولا الرزق المادي، وإنما المقصود تكريم الروح بقربها من الله قرب مكانة والاستمتاع باللذائذ استمتاعا روحيا لا جسمانيا.
وعن الحديثين يجيب الباحثون بإجابتين.
أولا - هما من أحاديث الآحاد وهي لا توجب الاعتقاد، والمسألة هنا اعتقادية كما سبق.
ثانيا - الحديثان ليس فيهما كلمة واحدة عن رفع عيسى بجسمه، وقد فهم الرفع من نزول عيسى، فاعتقد هؤلاء العلماء أن نزول عيسى معناه أنه رفع وسينزل، وهكذا قرر هؤلاء أن عيسى رفع لمجرد أن في الحديثين كلمة ينزل، مع أن اللغة العربية لا تجعل الرفع ضرورة للنزول، فإذا قلت نزلت ضيفا على فلان، فليس معنى هذا أنك كنت مرتفعا ونزلت، وإذا رجعنا إلى