والآية واضحة الدلالة على أن عيسى ككل البشر يولد ويموت ويبعث، وكل ما يخالف ذلك تحميل للفظ فوق ما يحتمل.
وقد اشترك في هذا الرأي كثير من العلماء في العصور الماضية وفي العصر الحديث، وفيما يلي نسوق بعض تفاسير لهذه الآيات الكريمة كما نسوق نخبة من آراء العلماء الأجلاء.
يقول الإمام الرازي (1) في تفسير الآية الأولى: إني متوفيك أي منهي أجلك، ورافعك أي رافع مرتبتك ورافع روحك إلي، ومطهرك أي مخرجك من بينهم، ومفرق بينك وبينهم، وكما عظم شأنه بلفظ الرفع إليه خبر عن معنى التخليص بلفظ التطهير، وكل هذا يدل على المبالغة في إعلاء شأنه وتعظيم منزلته، ويقول في معنى قوله تعالى: (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا) المراد بالفوقية، الفوقية بالحجة والبرهان ثم يقول:
واعلم أن هذه الآية تدل على أن رفعه في قوله: (ورافعك) هو رفع الدرجة والمنقبة لا المكان والجهة، كما أن الفوقية في هذه الآية ليست بالمكان بل بالدرجة والمكانة.
ويقول الآلوسي (2) إن قوله تعالى: (إني متوفيك) معناها على الأوفق إني مستوف أجلك، ومميتك موتا طبيعيا، لا أسلط عليك من يقتلك، والرفع الذي كان بعد الوفاة هو رفع المكانة لا رفع الجسد خصوصا وقد جاء بجانبه قوله تعالى: (ومطهرك من الذين كفروا) مما يدل على أن الأمر أمر تشريف وتكريم.