وعلى كل فنزول عيسى آخر الزمان ليس معناه رفعه حيا بجسمه كما سبق القول، ثم إن الدليل إذا تطرق له الاحتمال سقط به الاستدلال كما يقول علماء الأصول، وفي هذه الآية أكثر من الاحتمال.
ونبدأ الآن في إيراد الأدلة التي يذكرها العلماء الذين يرون أن عيسى نجا من اليهود ثم استوفى عمره، ومات ميتة عادية، ودفن في الأرض ثم رفعت روحه إلى السماء، وهذا الفريق من العلماء يعتمد على قوله تعالى:
إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين تبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم إلي مرجعكم (1).
وهذه الآية تقرر بوضوح ما سبق أن ذكرناه من وفاة عيسى وتطهيره وحمايته من أعدائه، وتجعل عيسى ضمن أتباعه إلى الله مرجعهم.
وقوله:
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به، أن اعبدوا الله ربي وربكم، وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد (2).
وواضح من الآية وفاة عيسى ونهاية رقابته على أتباعه بعد موته وترك الرقابة لله.
وقوله تعالى حكاية عن عيسى:
والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا (3).