ولكن: كيف سيكون موقفها من الناس الذين لا يعلمون ما تعلم؟.
وبدأ الجنين يدب في رحم العذراء، وكثرت أوهامها وأفكارها عما سيقوله الناس عنها، وخرجت من الهيكل إلى قريتها الناصرة، وأقامت في بيت صغير اعتزلت فيه الناس، ثم خرجت مع يوسف النجار إلى بيت لحم، فلما أوشكت على الوضع وأحست ألم المخاض خرجت من القرية، فأجاءها المخاض إلى جذع نخلة يابسة، وحيدة فريدة، حيث وضعت السيد المسيح، ونظرت لطفلها البرئ الذي سيصبح في نظر القوم دليل جريمة، وقالت: (يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) (1) ثم فكرت في طعامها وشرابها ليكون ذلك وسيلة لدر اللبن إلى ابنها، فسمعت صوت الملاك يناديها (ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (جدول ماء) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا، فكلي، واشربي، وقري عينا (2)).
وإذا كانت مسألة الطعام والشراب قد انحلت فكيف بمشكلة العار؟
وماذا عسى أن تقول للمتهمين والمتهكمين والذين سيصيحون فيها قائلين (يا مريم لقد جئت شيئا فريا، يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أمك بغيا (3)) ولكن الملاك علمها الرد على هذا الاتهام، وهو