قضية الألوهية الله في التفكير الهندوسي:
يتجه التفكير الهندوسي فيما يخص بالإله إلى نزعة التعدد غالبا، وقد بلغ التعدد عند الهنود مبلغا كبيرا، فقد كان عندهم لكل قوة طبيعية تنفعهم أو تضرهم إله يعبدونه ويستنصرون به في الشدائد كالماء والنار والأنهار والجبال وغيرها، وكانوا يدعون تلك الآلهة لتبارك لهم في ذريتهم وأموالهم من المواشي والغلات والثمار وتنصرهم على أعدائهم.
ويقول غوستاف لوبون: وهيهات أن تجد هندوسيا لا يعبد عددا من الآلهة، فالعالم عنده زاخر بها حتى أنه يصلي للنمر الذي يفترس أنعامه، ولجسر الخط الحديدي الذي يصنعه الأوربي، وللأوربي نفسه عند الاقتضاء (1).
ولكن بعض الهنود في وسط هذا التعدد كانوا يميلون أحيانا للتوحيد أو اتجاه قريب منه، فقد كانوا إذا دعوا إلها من آلهتهم أو أثنوا عليه أو تقربوا إليه بقربان، أقبلوا عليه بكل عواطفهم وجل ميولهم حتى يغيب عن أعينهم سائر الآلهة والأرباب (2)، ويصير إليهم هو ذلك الإله لا غير، فيسمونه بكل اسم حسن ويصفونه بكل صفة كمالية، ويخاطبونه برب الأرباب وإله الآلهة، تعظيما وإجلالا لا تحقيقا وإيقانا، وإذا عطفوا إلى غيره أقاموه مقام الأول وجعلوه رب الأرباب وإله الآلهة، وهذا التعبير (رب الأرباب أو إله الآلهة) كان أولا على العظمة والجلال، فلما مضت القرون على هذا النحو