براهمة أو كهنة يعدون أنفسهم صلة بين الناس والآلهة، وقرر أنه لا يوجد روح أكبر أو خالق أعظم لهذا الكون، ومن هنا سمي هذا الدين دين إلحاد.
غير أن العقل البشري يميل إلى الاعتراف بإله، ويحتاج الالحاد إلى أدلة أكثر من الأدلة التي يحتاجها إثبات الآلهة. ومن هنا وجد فراغ كبير في الجينية بسبب عدم اعتراف مهاويرا بإله يكمل به صورة الدين الذي دعا إليه، وكان من نتيجة ذلك أن اعتبره أتباعه إلها، بل عدوا الجيناوات الأربعة والعشرين آلهة لهم، ولعلهم بذلك كانوا متأثرين بالفكر الهندي الذين يميل في الأكثر إلى تعدد الآلة.
الله في التفكير البوذي:
لم يعن بوذا بالحديث عن الإله، ولم يشغل نفسه بالكلام عنه إثباتا أو إنكارا، وتحاشى كل ما يتصل بالبحوث اللاهوتية، وما وراء الطبيعة، وما يتحدث عن القضايا الدقيقة في الكون، وكان ينهي أصحابه وزواره أن يخوضوا في هذه الأبحاث ويوبخهم على سؤالهم عن مثل هذه القضايا.
ولكن بوذا اتجه أحيانا إلى جانب الانكار أكثر من اتجاهه إلى جانب الإثبات فقد وقف في إحدى خطبه يسخر ممن يقول بوجود الإله، وكان مما قاله في ذلك: إن المشايخ الذين يتكلمون عن الله، ولم يروه وجها لوجه، كالعاشق الذي يذوب كمدا وهو لا يعرف من هي حبيبته، أو كالذي يبني السلم وهو لا يدري أين يوجد القصر، أو كالذي يريد أن يعبر نهرا فينادي الشاطئ الآخر ليقدم له (1).
ومن أجل إهمال الإله أو الاتجاه إلى نكرانه أحيانا اتجه براهمة عصره إلى أن يصموه بوصمة الالحاد.