الروحاني النفساني العقلي فلما رأت النفس الكلية تمردها واغترارها أهبطت إليها جزءا من أجزائها هو أزكى وألطف وأشرف من هاتين النفسين البهيمية والنباتية ومن تلك النفوس المغترة بهما فيكسر النفسين عن تمردهما ويجبب إلى النفوس المغترة عالمها ويذكرها بما نسيت ويعلمها ما جهلت ويطهرها مما تدنست فيه ويزكيها عما تنجست به وذلك الجزء الشريف هو النبي المبعوث في كل دور من الأدوار فيجري على سنن العقل والعنصر الأول من رعاية المحبة والغلبة فيتألف بعض النفوس بالحكمة والموعظة الحسنة ويشدد على بعضها بالقهر والغلبة فتارة يدعو باللسان من جهة المحبة لطفا وتارة يدعو بالسيف من جهة الغلبة عنفا فيخلص النفوس الجزئية الشريفة التي اغترت بتمويهات النفسين المزاجيتين عن التمويه الباطل والتسويل الزائل الفائل وربما يكسو النفسين السافلتين كسوة النفس الشريفة فتنقلب الصفة الشهوية إلى المحبة فتغلب محبة الخير والحق والصدق وتنقلب الصفة الغضيبة إلى الغلبة فتغلب الشر والباطل والكذب فتصعد النفس الجزئية الشريفة إلى عالم الروحانيين بهما جميعا فكونان جسدا لها في ذلك العالم كما كانتا جسدا لها في هذا العالم وقد قيل إذا كانت الدولة والجد لأحد أحبه أشكاله فيغلب بمحبتهم له أضداده ومما نقل عن أنبادقليس أنه قال العالم مركب من الأسطقسات الأربعة فإنه
(٧١)