وإطاعة بعضهم في البعض دون البعض فمن اطاعه في الكل أقره في دار النعيم التي ابتدأهم فيها ومن عصاه في الكل اخرجه من تلك الدار إلى دار العذاب وهى النار ومن اطاعه في البعض وعصاه في البعض اخرجه إلي دار الدنيا فالبسه هذه الأجسام الكثيفة وابتلاه بالبأساء والضراء والشدة والرخاء والآلام واللذات على صور مختلفة من صور الناس وسائر الحيوانات على قدر ذنوبهم فمن كانت معصيته أقل وطاعته أكثر كانت صورته أحسن وسائر الحيونات والأمة أقل ومن كانت ذنوبه أكثر كانت صورته أقبح والامه أكثر ثم لا يزال يكون الحيوان في الدنيا كرة بعد كرة وصورة بعد أخرى ما دامت معه ذنوبه وطاعته وهذا عين القول بالتناسخ وكان في زمانها شيخ المعتزلة احمد بن أيوب بن مانوس وهو أيضا من تلامذة النظام وقال أيضا مثلما قال احمد بن خابط بالتناسخ وخلق البلية دفعة واحدة الا انه قال متى صارت التوبة إلى البهيمية ارتفعت التكاليف أيضا وصارت التوبتان عالم الجزاء ومن مذهبهما ان الديار خمس داران للثواب إحداهما فيها اكل وشراب وبعال وجنات وانهار والثانية دار فوق هذه الدار ليس فيها اكل ولا شراب ولا بعال بل ملاذ وروحانية وروح وريحان غير جسمانية والثالثة دار العقاب المحض وعى نار جهنم ليس فيها ترتيب بل هي على نمط التساوي والرابعة دار الابتداء التي خلق الخلق فيها الخلق قبل ان يهبطوا إلى دار الدنيا وهى الجنة الأولى والخامسة دار الابتداء وهى التي كلف الخلق فيها بعد ان اجترحوا في الأولى وهذا التكوين والتكرير لا يزال في الدنيا حتى يمتلئ المكيالان مكيال الخير
(٦٢)