الشهرستاني كان أدق في عباراته وفي تناوله للموضوع من أحمد أمين الذي تبدو عليه السطحية والسذاجة ربط الشهرستاني بين ما قاله تاليس عن الماء وبين ما جاء في سفر التكوين السابق على عصر تاليس وهو إن مبدأ الخلق هو جوهر خلقه الله تعالى ثم نظر اليه نظرة الهيبة فذابت أجزاؤه فصارت ماء ثم ثار من الماء بخار مثل الدخان فخلق منه السماوات وظهر على وجه الماء زبد مثل زبد البحر فخلق منه الأرض ثم ارساها بالجبال في حين أن أحمد أمين علل رأى تاليس في الماء بأن هذا الفيلسوف كان يسكن على شاطيء البحر ويسمع هدير الماء صباح مساء ويرد على هذا الرأي الفاسد أن هناك فلاسفة كانوا يسكنون على شاطىء البحر وفي نفس المدينة التي كان يقيم بها تاليس ولكنهم لم يقولوا إن الماء هو المبدع الأول الذي ظهرت منه سائر الموجودات وانظر إلى ما أورده الشهرستاني تحت عنوان رأى انكساغورس وهو قال إن مبدأ الموجودات هو جسم أول متشابه الأجزاء وهي أجزاء أجزاء لطيفة لا يدركها الحس ولا ينالها العقل منها كون الكون العلوي منه والسفلي لأن المركبات مسبوقة بالبسائط والمختلفات أيضا مسبوقة بالمتشابهات وحكى فرفوريوس عنه انه قال إن أصل الأشياء جسم واحد موضوع الكل لا نهاية له ولم يبين ما ذلك الجسم أهو من العناصر أم خارج عن ذلك قال ومنه تخرج جميع الأجسام والقوة الجسمانية والأنواع والأصناف وجاء عند أحمد أمين ص 22 كلا لا يمكن أن يكون الماء أصلا للوجود فمهما بلغ الماء من المرونة وقابلية التشكل فهو ذو صفات معروفة معينة تستطيع أن تميزه بها عن المواد الأخرى إنما أصل الكون مادة لا شكل لها ولا نهاية ولا حدود
(٦)