قال الشهرستاني تحت عنوان رأى تاليس ما نصه ومن العجب أنه نقل عنه أن المبدع الأول هو الماء قال الماء قابل لكن صوره ومنه وأبدع الجواهر كلها من السماء والأرض وما بينهما وهو علة كل مبدع وعلة كل مركب من العنصر الجسماني فذكر أن جمود الماء تكونت الأرض ومن انحلاله تكون الهواء ومن صفوة الهواء تكونت النار ومن الدخان والأبخرة تكونت السماء ومن الاشتعال الحاصل من الأثير تكونت الكواكب فدارت حول المركز دوران المسبب على سببه بالشوق الحاصل فيها اليه وجاء في قصة الفلسفة اليونانية لأحمد أمين تحت عنوان طاليس ص 19 ما نصه وإذا التمس الفكر الإنساني مادة تكون أصلا لكل ما يشمل الوجود من ظواهر فلن يصادف إلا عددا قليلا من ألوان المادة التي يجوز عقلا أن تكون كذلك إذ لا بد لتلك المادة الأولية المنشودة ان تكون مرنه شديدة المرونة في قابليتها للتشكل في صور مختلفة وألا تكون محدودة الصفات محصورة الخواص حتى تتسع لكل شيءأفلا تستطيع أن تحرز ماذا تكون تلك المادة الأولية عند قوم يتاخمون البحر فترسخ في نفوسهم صورته ويدوي في اسماعهم هديره كلما أمسى مساء أو أصبح صباح إنها الماء فليس عجيبا إذن أن ينهض طاليس أول فيلسوف عرفته الدنيا وأجمع على فلسفته المؤرخون ويجهر بأن الماء هو قوام الموجودات بأسرها فلا فرق بين هذا الإنسان وتلك الشجرة وذلك الحجر إلا الاختلاف في كمية الماء الذي يتركب منها هذا الشيء أو ذلك أليس الماء يستحيل إلى صور متنوعة فيصعد في الفضاء بخارا ثم يعود فيهبط فوق الأرض مطرا ثم يصيبه برد الشتاء فيكون ثلجا واذن فهو غاز حينا وسائل حينا وصلب حينا وكل ما يقع في الوجود لا يخرج عن احدى هذه الصور الثلاث كان الماء عند طاليس هو المادة الأولى التي صدرت عنها الكائنات واليها تعود فأي فرق بين ما ذكره الشهرستاني عن تاليس وبين ما ذكره أحمد أمين بل إن
(٥)