وللاصولين خلاف في تكفير أهل الأهواء مع قطعهم بان المصيب واحد بعينه لان التكفير حكم شرعي والتصويب حكم عقلي فمن مبالغ متعصب لمذهبه كفر وضلل مخالفه ومن متساهل متالف لم يكفر ومن كفر قرن كل مذهب ومقالة بمقالة واحد من أهل الأهواء والملل كتقرين القدرية بالمجوس وتقرين المشبه باليهود وتقرين الرافضة بالنصارى واجرى حكم هؤلاء فيهم من المناكحة واكل الذبيحة ومن تساهل ولم يكفر قضى بالتضليل وجكم بأنهم هلكى في الآخرة واختلفوا في اللعن على حسب اختلافهم في التكفير والتضليل وكذلك من خرج على الامام الحق بغيا وعدوانا فان كان صدر خروجه عن تأول واجتهاد سمي باغيا مخطئا ثم البغي هل يوجب اللعن فعند أهل السنة إذا لم يخرج بالبغي عن الايمان لم يستوجب اللعن وعند المعتزلة يستحق اللعن بحكم فسقه والفاسق خارج عن الايمان وان كان صدر خروجه عن البغي والحسد والمروق عن الدين فاجماع المسلمين استحق اللعن باللسان والقتل بالسيف والسنان اما المجتهدون في الفروع فاختلفوا في الاحكام الشرعية من الحلال والحرام ومواقع الاختلاف مظان غلبات الظنون بحيث يمكن تصويب كل مجتهد فيها وانما يبتني ذلك على أصل وهو انا نبحث هل لله تعالى حكم في كل حادثة أم لا فمن الاصولين من صار إلى ان لا حكم لله تعالى في الوقائع المجتهد فيها حكما بعينه قبل الاجتهاد من جواز وحظر وحلال وحرام وانما حكمه تعالى ما أدى إليه اجتهاد المجتهد وان هذا الحكم منوط بهذا السبب فما لم يوجد السبب لم يثبت الحكم خصوصا على
(٢٠٣)